Monday, March 16, 2015

عمرة الوداع و الخروج النهائي

بين الروحانية و التقاليد

غادرت أمس السعودية بخروج نهائي بعد ان قمت بحوالي ٢٢، ٢٣ او ٢٤ رحلة للملكة علي مدار ٢٥ شهر، صراحة لا اتذكر عدد الرحلات  بالضبط. رحلاتي للسعودية كانت لإنهاء اعمال و علاقات لم أبداها و لكنها كانت مسؤلية في عنقي. قررت او بالاصح نويت قبل وصولي جدة ان اذهب الي مكة للقيام بالعمرة حيث اني اعتقد انني لن اعود الي السعودية في المستقبل.

قررت ايضا ان أقوم بالعمرة بطريقتي الخاصة ...في الطريق من جدة الي مكة استمعت الى مجموعة السور القصيرة بصوت الشيخ  عبد الباسط عبد الصمد ثم استمعت الي تسجيل نادر لسورة الضحى بصوته عده مرات. قمت بالتليية مرة او اثنان ثم بدأت الطواف .. طوافي الاول كان تفكير في نفسي و في  من غادر عالمنا من احبائي و التفكير في اسرتي واحبائي و احوال مصر و العالم، الطواف الثاني و الثالث كانا تفكير في ابنتي و ابني و إلدعاء لهما بالسعادة و الصحة و ان يكونا قادرين علي العطاء للمجتمع و الانسانية، الثالث كان لزوجتي، الرابع كان لأخي و زوجته و أولاده ، الخامس كان لأخي الأكبر الذي فارق عالمنا و تركني يتيما بعده، و لزوجته و اولاده، السادس كان لامي و ابي و خالي و عمتي و اخرون من الاقارب الاحباء الذين غادروا دنيانا و الأخير كان لسوريا و العراق و اهل فلسطين و غزة و طبعا الصراع و التمزق الذي حال بمصر ... وجدت نفسي اتذكر عمرتي السابقة و دعائي بالخلاص من حكم الاخوان و بدات أفكر في الرئيس السابق د. محمد مرسي ودعوت له بالهداية. افتكرت العديد من اصدقائي و دعوت لهم بالسعادة و لبعضهم بالتحمل، بالقوة وبشفاء والد صديقة عزيزة و تذكرت صديقي من الفيسبوك كريم الديب و دعوت له بالسعادة و ان يجازيه الله بإنسانيته و جماله كإنسان و ليس بإلحاده، قارنته في عقلي باقطاب السلفية و وجدته اقرب الي رسالة الاسلام في حبه للعدل و الرحمة.

لم أقوى على الدعاء علي احد سواء كانوا داعش اوبشار الاسد او ارهابي حماس او المتطرفين الاسرائليين ... دعوت لهم بالانسانية و الرحمة و رؤية الآخرين كبشر مثلهم ..

كنت أتأمل في ديني و أفكر في المزاحمة اثناء الطواف و استخدام المطوفين و الادعية المطبوعة و اشعر بنوع من الحزن لما حدث لمئات الملايين من البشر و كيف تحولت العبادات و الشعائر الي ما يبدو كانها طقوس فارغة او صفقات مع الله بدل من التواصل معه. كنت اتامل اذا كنت انا على صواب ام ان الغرور اصابني. دعوت الله ان يساعدني على عمل الخير وان تشفع لي نيتي اذا كنت في ضلال عن صراطه او ان كنت متكبر.

استمرت في التفكير و التامل اثناء السعي رغم الصعوبة الشديدة في تذكر انني في مكة في الحرم و لست في مطار بممرات طويلة. اتبعت شعائر العمرة رغم انني لم ادقق في دراستها، هرولت في السعي تحت النيون الأخضر، التعب من طول المشي حافيا ساعد في اضفاء روحانية ساعدتني علي التغلب علي طبيعة المنظر و علي رنات الموبيل من بعض المعتمرين  و من كانوا يتوقفون اثناء السعي لالتقاء السلفي. 

كانت هذه العمرة الرابعة ( الخامسة) التي قمت بها، الأولي كانت في أوائل الثمانينات و لا اتذكر اذا قمت بعمرة في اواخر الثمانينات عند حضوري لجدة نتيجة مرض اخي رحمة الله عليه ام لا، و قمت بعمرة اخري مع اخي قبل وفاته بسنه و اخري بعد وفاته بشهر... و لكن لم اشعر بالسكينة و القدرة علي التواصل مع الله مثل عمرتي الاخيرة.

اعتذر مسبقا لمن لا يوافق على ما كتبت، تركت السعودية شاكرا لكل من وقف بجانبي اثناء تلك الفترة العصبية و ادعو للجميع بالصحة و السعادة و القبول و شفاعة الله لاصحاب الاعمال و النيات الطيبة.

أيمن سعيد عاشور


Thursday, March 12, 2015

شعبية السيسي

طريقة كلام العادلي و البراءة المحتملة له و لمبارك ستكون بداية نهاية المرحلة الحالية. كان نفسي جدا ان السيسي ينجح و لكن للأسف بعض معجبيه في مرحلة غرور بالشعبية العارمة و غير قادرين علي الإحساس بالرفض من جزء كبير من الشعب، مش شرط ان الرافضين يكونوا أغلبية مطلقة و غالبا هما أقلية و لكن ضخمة تفوق الثلث او حتى ٤٠٪. و نحن هنا نتحدث عن رفض و ليس معارضة. 

الشعبية العالية التي لايزال السيسي كشخص يتمتع بها ناتجة عن الاعلام الشمولي الموجهة مع طبعا انه يمثل منهج سياسي تؤيده اقليه ضخمة في مصر و هو التنمية الاقتصادية و تأجيل أمور مثل الديمقراطية و حقوق الانسان مثله، مثل العديد من دول اسيا في الثمانينات و التسعينات. أقلية كبيرة و هامة تفوق الثلث تؤيد منهج بناء الاقتصاد مع الحد من الفساد العلني و لكن تلك الأقلية لا تشكل الشعبية الضخمة التي يتمتع بها السيسي. هنالك أقلية اخرى و هم ضحايا الانهيار الأمني و الاقتصادي الذي حدث منذ ٢٠١١ الذين انقلبوا مع الثوار ضد مبارك ثم انقلبوا مع الاخوان ضد الثوار و بعد ذلك انقلبوا مع نظام مبارك و الثوار ضد الاخوان. هؤلاء ضحايا الاعلام الموجهة بدء من اعلان " ريلي" ضد الجواسيس الي الان. 

الدرس الذي يجب علي السيسي و نظامه تعلمه هو ان تلك الأقلية الاخيرة سهلة التقلب و شعبية السيسي عندها ليست عميقة و من السهل جدا ان تتحول و بسرعة الي شعبية لداعش او اي تيار اخر. 

الحقيقة المرة ان الوصول الي نوع من الاستقرار الذي يسمح بالعبور الي مرحلة الأمان في مصر يتطلب تحالف حقيقي مع ثلاثة من اربع مراكز تأثير في مصر: الجيش، الحزب الوطني، الحركة الثورية الديمقراطية او الاسلام السياسي. 

امام السيسي اختيار التحالف مع الحركات الثورية او مع الاخوان و لكن الاعتماد علي نظام مبارك و الجيش فقط لن يجلب الاستقرار رغم الشعبية العارمة. للأسف اشعر ان قناعة السيسي الي الان هي في العمل علي الحفاظ على تأييد الغير مسيسين، الأقلية المتقلبة عن طريق الاعلام و مهارته في التواصل مع تلك الأقلية.

أيمن  سعيد عاشور