Pages

Tuesday, August 19, 2014

حكاية قصيرة عن منظمات حقوق الانسان

منذ صغري و كنت استمع الي قصص تعذيب في سجون جمال عبد الناصر، و بعد تخرجي و فترة عملي القصيرة في الكويت، زميلي المصري اختفي في العراق و قبض عليه و عاني من التعذيب أشهر .. أتذكر حضور زوجته الي المكتب يوم بعد يوم و أتذكر زيارتي له في منزله بعد عودته و كيف اثناء عناقي له تشبث بي و صرخ " الكهربا يا أيمن الكهربا" .. اسمع تلك الكلمات في أذني اليوم كما انها كانت أمس و ليست ١٩٨١. 

هاجرت الي الولايات المتحدة في نفس العام و أصبحت عضو في منظمة العفو الدولية Amnesty International ، عضو عادي أتبرع بمبلغ بسيط كل عام و تصل لي مجلتهم و خطابات مختلفة عن حالات مختلفة في دول العالم المختلفة. 

و بعد عدة سنوات تقدمت لاختبار الحصول على الجنسية الامريكية و في اثناء المقابلة سألني المسئول بنوع من التحدي و المواجهة عن عضويتي بمنظمة العفو : الا تدري ان تلك المنظمة تساعد مهاجرين غير شرعيين في جنوب غرب الولايات المتحدة؟ فوجئت بالسؤال و أجبت بصرامة ان فرع المنظمة في امريكا لا يتدخل في اي موضوع داخل امريكا نفسها و ان من مبادئ المنظمة الاساسية التدويل فكانت فروع اخري من المنظمة في دول اخري تتحدث عن احكام الإعدام في الولايات المتحدة  و خلافه و لكن اهتمام المنظمة الامريكية كان بالعديد من دول امريكا اللاتينية و اسيا مثل تشيلي، كامبوديا، تركيا الخ. استمر في الحديث عن المهاجرين الغير شرعيين و زادت حدة نبرتي في الدفاع عن موقفي. و بعض بضع دقائق انتقل الي سؤال اخر ثم عاد الي منظمة العفو الدولية و قال انها منظمة جيدة و مبروك. 

الشرطة و الجهات الرسمية في كل مكان لا ترغب برقابة منظمات المجتمع المدني عليها و الفارق الأساسي بين ما رايته في الولايات المتحدة و حياتي في دول شرق اسيا و الشرق الأوسط هو قوة القانون و حمايته للحريات. لو كانت مناقشتي الحادة أعلاه دارت في مصر او الصين كان من المؤكد ان النتيجة اختلفت و لكن كانت في امريكا و رغم كراهية ذلك المسؤول لعضويتي في منظمة بعينها الا انه تحتم عليه بقوة القانون ان يقوم بمهمة وظيفته بدون تمييز. 

نري الأحداث العنصرية في مدينة فيرجسون و يتسارع الجميع باستخدامها كتبرير لما يحدث في مصر و لكن ما نراه في فيرجسون حالة نادرة و لذا تركيز الأعلام عليها. امريكا مليئة بشرطة عنصرية و لكن قوة القانون تردع تلك العنصرية، منظمات المجتمع المدني تلعب دور محوري في الوقوف مع الضعيف حتي يتمكن من الحصول علي حقه بالقانون. أتذكر كيف ساندت شاب أردني اسمه جهاد رفضت شركة الطيران في امريكا السماح له بالسفر بعد شهر او شهرين من احداث سبتمبر و كيف حصل بعد ذلك علي اعتذار و تعويض بقوة القانون بمساعدة منظمات مجتمع  مدني أمريكية، منظمات افخر بعضويتها و نشاطي السابق بها

أيمن عاشور 

No comments:

Post a Comment