مواصفاته وطريقته ومتى يكون أو لايكون
انتشرت فكرة إنشاء الشركات الجديدة في مصر والشرق الأوسط في السنوات الأخيرة. سمعنا وقرأنا عن قصص شركات عملاقة مثل أبل ومايكروسوفت وأوبر وغيرهم بدأت بأحلام شبابية كبيرة وموارد محدودة. سأقدم صورة أوضح لفكرة الشركات حديثة النشأة أو الستارت اب في هذا المقال وصورة عامة للمناخ.
انتشرت فكرة إنشاء الشركات الجديدة في مصر والشرق الأوسط في السنوات الأخيرة. سمعنا وقرأنا عن قصص شركات عملاقة مثل أبل ومايكروسوفت وأوبر وغيرهم بدأت بأحلام شبابية كبيرة وموارد محدودة. سأقدم صورة أوضح لفكرة الشركات حديثة النشأة أو الستارت اب في هذا المقال وصورة عامة للمناخ.
أطلقنا بالماضي كلمة مشروع على ما نسميه اليوم ستارت اب. مجموعة من الأصدقاء أو زملاء الجامعة يفكرون في مشروع ما، قد يكون مشروع تجاري او زراعي او انشائي او سياحي او صناعي. المشروع قد يكون كما فعل أحد أقاربي من سنوات طويلة انتاج دواجن في بلكونة شقة العائلة في الإسكندرية أو كما فعل أحد أصدقائي بإنشاء فندق صغير بخدمات متكاملة في نويبع بسيناء. لماذا لا نسمي مشاريع مثل مكتب ترجمة أو عربة طعام أو دواجن قريبي او فندق صديقي ستارت اب؟ ما هو الفرق بين المشروع والستارت اب؟
دعنا نبدأ بأن الستارت اب هو مشروع يهدف إلى الربح مثل المشاريع اعلاه ولكن هنالك عدة مواصفات إضافية تجعل المشروع ينتمي إلى ما نطلق عليه ستارت اب:
الابتكار
يقوم أي مشروع على فكرة أساسية تكون هي قلب او روح المشروع. من مواصفات الستارت اب ان تحمل هذه الفكرة الاساسية قدر من الابتكار. الابتكار قد يكون في المنتج نفسه أو في طريقة إنتاجه أو في طريقة تقديمه. الفكرة قد تكون منقولة من الولايات المتحدة أو اليابان ولكنها جديدة في السوق المحلي. نجد أنه من الصعب أن نسمي دواجن قريبي في الإسكندرية ستارت اب. ننظر إلى كريم من دبي كستارت اب ينقل فكرة أوبر إلى الشرق الأوسط ويضيف اليها بعض التغيرات مثل الحجز المقدم.
النمو السريع
تعد قابلية المشروع لتحقيق نمو سريع إحدى مواصفات الستارت اب. بعض المشاريع الممتازة غير قابلة لتحقيق نمو سريع وتتطلب وقت طويل للنمو. وربما نجد هنا فكرة الدواجن في البلكونة بالإسكندرية قابلة لتحقيق النمو السريع أكثر من فكرة البوتيك هوتيل الذي يتطلب وقت لبناء سمعة مع نوع محدد من الزبائن. ننظر ايضا الى أفكار مثل "فوري" او "اطلب" او "المنيوز" وقابلية هذه الأفكار للنمو السريع لوجود عطش للمستهلكين وحاجة إلى المنتج أو الخدمة المقدمة.
قابلية التوسع
ربما تكون قابلية التوسع هي اهم مواصفات الستارت اب. قابلية التوسع تشمل الفكرة والسوق وايضاً تشمل قدرة الإدارة أو مؤسسي المشروع على التوسع. ننظر أيضا إلى إمكانية ومتطلبات التوسع. نجد هنا أن فكرة مثل تربية الدواجن في البلكونة، رغم نجاحها كمشروع، لا ينطبق عليها مواصفات الستارت اب. ولكن إذا كان قريبي ابتكر جهاز او طريقة لتربية الدواجن بالبلكونات وأسس شركة لإنتاج وتوزيع الجهاز كان مشروعه عندئذ قابل للتوسع بامكانيات معقولة ولكن التوسع في مشروعه كما كان يتطلب تكرار الاستثمار والإدارة. وكذلك الفندق في نويبع، إذا نجح صديقي في الوصول في الوصول إلى نسبة حجوزات كاملة لا مجال للتوسع إلا ببناء فندق جديد في مكان آخر.
أفكار مثل اوبر جذابة في عالم الستارت اب لانها تقبل النقل من سوق إلى آخر. بلا جدال لكل سوق متطلباته الخاصة وتحتاج أوبر تأسيس شركات جديدة في البلاد المختلفة والتواصل مع الحكومات والتعامل مع ردود الفعل السلبية من سيارات الأجرة ولكن الاستثمار الأساسي في التكنولوجيا وتطبيقات الاندرويد والايفون وأسلوب الإدارة وخدمة العملاء كله موجود وهنا نجد أن أوبر مثال ممتاز لقابلية التوسع. ولذا نجد العديد من الأفكار لخدمات مختلفة من تأجير الغرف في البيوت الخاصة لمنافسة الفنادق إلى خدمات النظافة تنقل فكرة أوبر.
دور التكنولوجيا في الستارت اب
يخلط الكثير من الناس في هذه النقطة. التكنولوجيا في الغالبية العظمى من الستارت اب هي وسيلة وليست غاية. كثير من شركات الستارت اب تعتمد على تكنولوجيا متقدمة لأن الابتكار كثيرا ما يكون في استخدام تكنولوجيا حديثة لتقديم حلول مبتكرة لاحتياجات او مشاكل تقليدية. من الصعب أن نجد أمثلة لشركات ستارت اب ناجحة تقدم ابتكار ونمو سريع وقابلة للتوسع بدون الاعتماد على تكنولوجيا متطورة. صعب ولكنه ليس مستحيل!
المؤسسين والتمويل والإدارة
يتطلب الستارت اب مجهود خارق للنجاح وإذا وضعنا بالاعتبار المتطلبات أعلاه نجد أنه من الصعب أن ينجح ستارت اب بمؤسس واحد ولذا نجد خلف الغالبية العظمي من الستارت اب الناجحة يقف أكثر من مؤسس واحد.
تمويل الستارت اب يبدأ من أصحاب الحلم أنفسهم وأحيانا بقروض أو مساهمة من الاقارب او الاصدقاء وبعدها يصل إلى مرحلة الانچيلز أو الملائكة والملاك هو المستثمر الصغير الذي يقتنع بالفكرة والمؤسسين وبعدها نصل إلى تمويل أكبر من شركات أو صناديق الاستثمار المتخصصة في الستارت اب او ما يطلق عليهم الڤي سي.
تخضع إدارة الستارت اب للعديد من القواعد التي تحدد مسؤوليات وحقوق الأطراف المختلفة. ماذا يحدث إذا ترك أحد المؤسسين الشركة؟ هل يحتفظ بحصته كاملة ام يخسرها كاملة ام يحتفظ بقدر يتناسب مع فترة عمله بالشركة؟ هل يحق للمؤسسين تغيير نشاط الشركة بعد الحصول على تمويل من مستثمرين؟ ماذا يحدث اذا احتاجت الشركة تمويل إضافي؟ هل يستطيع مؤسسي الشركة الخروج منها وإنشاء شركة جديدة منافسة؟
نجد أمامنا في عالم الستارت اب قواعد عديدة تحكم العلاقات بين الأطراف. هذه القواعد يتفق عليها الأطراف المختلفة وتشكل أعباء إدارية إضافية قد لا تواجه العديد من المشروعات خارج عالم الستارت اب.
صورة المستقبل
تحصل شركات الستارت اب على تمويل المستثمرين عن طريق إقناعهم أن الستارت اب سيحقق نجاح كبير ويصل إلى مرحلة الايكزيت او الخروج. المقصود بالايكزيت هو تحصيل قيمة عالية للمؤسسين والمستثمرين عن طريق الدمج مع شركات كبيرة أو طرح الأسهم في البورصة أو سوق المال.
تحقيق الأرباح كهدف شي معتاد لأي مشروع تجاري. رفع التقييم والاعداد للاكيزيت او بيع الشركة هدف إضافي يزيد من تعقيدات وأعباء الستارت اب.
الايكو سيستم أو المناخ العام
يشكل نجاح شركات الستارت اب وزيادة عددها نجاح لأي مجتمع. تلعب الشركات الصغيرة والمتوسطة دور غاية في الأهمية في اقتصاد الدول . لهذه الأسباب تقوم الدول المختلفة بالعمل لخلق المناخ المناسب. تخصص الهند مبالغ ضخمة لتنمية قطاع الستارت اب وإزالة العقبات أمامه. في الاْردن والامارات والسعودية تم إنشاء صناديق استثمار حكومية أو شبه حكومية للاستثمار في شركات الستارت اب. في مصر تتحدث الحكومة على إزالة العقبات وتسهيل إنشاء وتمويل الشركات وعن تسهيل إغلاق الشركات وإفلاسها إذا فشلت بدون عقوبة السجن للمؤسس.
حياة الستارت اب
حياة الستارت اب جذابة ولكنه في الحقيقة اختيار شديد الصعوبة ويعني إرهاق وقلق وانعزال عن الأصدقاء والأقارب. الستارت اب يعني ترك الهوايات والرياضة والأفلام والقهوة. الستارت اب يعني سهر الليالي والعمل الشاق بدون اجازة و ويك اند. الستارت اب يعني الدخل المحدود لسنوات طويلة. مناخ الستارت اب هو مناخ التضحية بحقبة من الحياة لتحقيق حلم معين.
يقدم الستارت اب طريقة حياة مختلفة ونرى بعض المشاريع التي لا تتطابق المواصفات اعلاه يتبنى مؤسسيها طرق الستارت اب ويحاولون ارتداء ثوبه لأنهم يحبون طريقته وانطباع المجتمع عنها أو لأنهم يريدون الحصول على تمويل أو لأنهم يريدون توظيف ناس بطرق الستارت اب التي تشمل تضحية بالمرتب مقابل بالمشاركة في ارتفاع قيمة الشركة. محاولات خداع النفس أو خداع الآخرين تحدث في امريكا مثل ما يحدث في الشرق الأوسط ومع الوقت وزيادة عدد مشاريع الستارت اب الجادة يقل تأثير المدعين على المناخ العام. التسامح والقبول صفة من صفات عالم الستارت اب وإدمان طبيعة حياة وطرق الستارت اب موضوع مفهوم ولا يلام عليه أصحاب المشاريع الجادة حتى إذا لم تتوافر فيها كل مواصفات الستارت اب. الشركات العظمى تحاول تبني طرق الستارت اب لتسريع اتخاذ القرارات ولجذب الموظفين الذين يفضلون طبيعة العمل في الستارت اب.
عالم الستارت اب مليء بالمصطلحات الأمريكية وكثيرا ماوجدت نفسي المانيا او فرنسا وغيرهم واسمع كلمات مثل ايكزيت او ستارت اب او اينچيل. تتغير طرق الستارت اب مع مرور الوقت لتلائم طبيعة البلاد المختلفة. كذلك تنتشر طرق الستارت اب في المجتمع والمشاريع المختلفة من المشاريع الخاصة الصغيرة إلى المشاريع العظمي التي تحظى بدعم الشركات الكبيرة أو حتى الحكومات. الستارت اب ماهو الا مشروع له مواصفات معينة يخضع لقواعد معينة ولكنه بالآخر مشروع ربحي.
أيمن سعيد عاشور
No comments:
Post a Comment