Sunday, May 04, 2014

بلى نحن في الحقيقة وحيدون

منذ عامان كتبت بلوج عن ثورة ٢٥ يناير بعنوان  لست وحيدا او I'm Not Alone's of Egypt ظاهرة هامة، في نظري، و هي ان الثورة جعلتنا نرى ان هنالك المئات و الآلاف بل ربما الملايين الذين يشاركوننا الإيمان بالحرية و الديمقراطية و المساوة .. باختصار التقدمية. أعلم علم اليقين انني جزء من أقلية و لكن أحسست بفرح جامح لمقابلة اخرين يشاركوني في التوجة السياسي ... التوجة الإنساني في الحقيقة. 

كتبت عن تلك الظاهرة بعد فترة ليست بالقصيرة من اندلاع الثورة بعد ان كنت تمكنت من لقاء العديد من الأصدقاء بعد معرفتهم عن طريق تويتر. ظاهرة غريبة لم اري مثلها من قبل و العديد من أصدقائي يطلقون عليها نفس الاسم : أصدقاء الثورة .. كل منا له أسرته و أصدقاء من مدرسته و جامعته و عمله الخ و لكن للبعض لدينا نوع اخر من الأصدقاء .. أصدقاء الثورة ... قابلنا هؤلاء الأصدقاء عن طريق تواصل عقلي و عرفنا كيف يفكرون ... تكونت تلك الصداقة في فترة صحوة عقلية و عاطفية غير معتادة ... ولدت صداقة قوية و حميمة اكثر من ما يتوقع من قلة الوقت و اختلاف العمر و التجربة والتعليم … اختلاف التاريخ. اترك الكتابة لتعليل أسباب قوة العلاقات التي نشئت تحت مسمى أصدقاء الثورة لخبراء علم النفس و الاجتماع و لكن اشدد علي عمق الارتباط من الحب و المودة و الرغبة في اللقاء و التجمع و في نفس الوقت سطحية العلاقات على مستوى اخر. بعد اكثر من عامين من تكوين العديد من صداقات الثورة وجدت نفسي لا ادري من من أصدقائي و صديقاتي متزوج و من لا، من مسلم و من مسيحي، اذاو لم يكن الاسم واضح كأحمد او جورج. تكونت تلك الصداقات في عالم جديد .. عالم سمح لنا بإعادة تعريف أنفسنا لتقترب اكثر لما نعتقد و نفكر، متحررين من خلفياتنا و احمالنا الاجتماعية و المهنية  و ربما كان هذا ما  جعل تلك الصداقات أقوي و امتن.

انظر حولي اليوم و اجد حالة من البأس و الحزن الجماعي تحوم على الغالبية العظمي من أصدقائي و أصدقاء أصدقائي. صديقي ... و بالأصح واحد من أصدقاء الثورة .. رحل عن عالمنا، ذهب الي سبيله و تركنا خلفه في حالة من الحزن مساوية للحزن علي فقدان اقرب الأقارب ... اجد نفسي مرة اخري أفكر في ظاهرة غير واضحة الأسباب أمامي ... الصداقة العميقة و الفرح الجام بها و الان الحزن العارم... ماذا حدث؟

صديقي الذي انتزع منا كان من أفضلنا في التعبير عن واقعنا  وعن أحلامنا، كان يصغرني بأكثر من اثنتين وعشرين عاما و لكن أينما تواصلنا في لقاء مباشر او عن طريق الانترنت وجدته اكثر من الند فكريا و كثيراً ما تكونت آرائي عن احداث بعينها بعد قراءة ما كتب هو. لم أكن اعلم من هو و صيته و شعبيته المنتشرة  و من تواضعه الشديد اعتقدت قبل مقابلته انه شاب بسيط من أسرة متواضعة و كان تواضعه جزء هام من شخصيته و شعبيته العارمة.

الان و بعد مرور اكثر من ثلاثة سنوات علي ٢٥ يناير، اجد العديد من أصدقائي  رافضين الاعتراف بفشل الثورة وفقدان مثاليتها، بل و فقدان التاييد لها.  رحيل حبيبنا و صديقنا يحدث فراغ في قناعة الكثير منا،  فلقد كان صديقنا جزء من الأمل و كنا نتعلق بكلامه و إيجابيته و لكنه غادر عالمنا و مرة اخرى نشعر بالوحدة ، نشعر بفقدان جزء منا.. من حلمنا. الكثير منا، في الحقيقة، يبكي على نفسه. 

دشن البعض من الاصدقاء حملة و هاش تاج بمعنى ماذا قد كان باسم صبري فعل في مثل هذا الوقت … اعتقد انه كان سيفكر بعمق و يكتب نتاج تفكيره  و يترك للقارئ بريق من الامل .. و الامل هنا هو في معرفة انفسنا فمنها نبدا حلول مشاكلنا. 

اتذكر شعر الخنساء في رثاء أخيها صخر كما لو كانت في رثاء باسم صبري

ألا تبكيانِ الجريءَ الجميلَ ... ألا تبكيانِ الفتى السَّيدا

طويلَ النِّجادِ رفيعَ العمادِ ... سادَ عشيرتهُ أمردا

إذا القومُ مدُّوا بأيديهمِ ... إلى المجدِ مدَّ إليهِ يدا

فنالَ الذي فوقَ أيديهمُ ... من المجدِ ثم مضى مُسعدا

يُكلِّفه القومُ ما عالهُمْ ... وإن كان أصغَرهُم مولِدا


الله يرحمك يا باسم و يساعد اسرتك و اصحابك و مصر و الانسانية على الاستمرار و الصبر على فراقك و الوحدة و معرفة حقيقة انفسنا 

أيمن عاشور 
٣ مايو ٢٠١٤




No comments: