Monday, July 14, 2014

الصراحة مع الشعب


كتبت من قبل عن توقعاتي الاقتصادية لمصر عقب قرارات رفع الدعم عن البنزين و الكهرباء و عن ادعاء الحكومة المصرية بأنها الحكومة التكنوقراطية التي تفعل الصواب وما هو لمصلحة البلاد و لكنها غير مسؤولة عن إقناع الشعب بسياستها. الحديث يدور عن محاولات مختلفة لدعم الفقراء بالعديد من السلع ونقل الدعم من البترول الي الشاي و السكر و الأرز و البيض الخ. لم أقراء شيئ عن حتمية ازدياد الفقر في مصر في السنوات المقبلة  و لم أسمع من الحكومة حديث بصراحة عن حتمية زيادة المعاناة و انه لا خيار او اي طريق اخر يمكن ان يصل الى نتيجة أفضل للفقراء. 

لا أنادي بزيادة معاناة الفقراء و زيادة الفقر في مصر و لكني ارى انها النتيجة الوحيدة لتدهور الوضع الاقتصادي بمصر منذ ٢٥ يناير ٢٠١١. التدهور الأمني أدي الي انهيار السياحة و صعوبة شديدة في العديد من الأنشطة الاقتصادية و بما فيها تصدير المصنوعات و المنتجات الزراعية حيث كان من الطبيعي ان يلجأ من يستورد المنتجات المصرية الي بديل مضمون فالجميع يسمع عن تدهور الأمن و حتى زيارات العمل الي مصر مثلها مثل السياحة انهارت، كيف يضع مستورد لسلع مصر ثقته في بلد في وضع خطر فهو يخشى على نفسه الزيارة. ماذا يحدث لدولة عندما تتدهور معدلات إنتاجيتها الاقتصادية ؟ تزيد الأسعار و تتدهور العملة و تزيد البطالة و يزيد الفقر. هذه هي النتيجة الطبيعية لما حدث في مصر و هذا للأسف ما لم يقولوه أيا من مرشحي الرياسة و ما لم تجاهر به الحكومة الي الان.  

لماذا تقع الكارثة الاقتصادية على الفقراء الذين لا يتحملون معاناة إضافية ؟ و هنا نتسائل لماذا الفقير فقير؟ لانه لا يملك رأسمال ، و لانه لا يملك مهارات مطلوبة في السوق و لان إنتاجه الاقتصادي ضعيف و بناء علي ذلك فهو فقير. عندما نقراء عن المجاعات في افريقيا التي تودي بحياة الملايين، من يموت بتلك المجاعات؟ انهم الفقراء بالطبع فقراء رأسمال و فقراء المهارات و فقراء الانتاج. 

وماذا عن العدالة الاجتماعية و هل من الممكن ان يتحمل الأغنياء في المجتمع التدهور الاقتصادي لحماية فقراء مصر من خطر التشرد و المجاعة؟ من الطبيعي ان يتحمل الأغنياء اعباء اكثر من الفقراء و لكن ما اسهل هروب راس المال و المهارات .. و اذا حاولت الدولة ان تضع اعباء التدهور الاقتصادي علي اغنى ١٪ او ٥٪ في المجتمع هل سيكون هذا كافيا لحماية فقراء مصر؟  الإجابة بالطبع لا و هنا نعود الي تجارب الخمسينات و الستينات في مصر و العديد من دول العالم ، حركات التأميم التي فشلت و أدت الي نتائج اقتصادية سلبية في مختلف دول العالم من الاتحاد السوفيتي الي السويد و من الصين الي بريطانيا. هذه هي طبيعة الحياة و طبيعة الحركة الاقتصادية في العالم كله. حتما يجب على أغنياء مصر ان يتحملون أعباء إضافية اكثر من الطبقات المتوسطة و فوق المتوسطة و علي هؤلاء ان يتحملو أعباء اكثر من الفقراء و لكن في النهاية هناك حتمية ان الأعباء ستقع علي الجميع و ان الغني سيكون اقل غناء و ان الفقير سيزيد فقرا و معاناة. الحكومة تترك المجال مفتوح بلا مناقشة حقيقية و بلا مصارحة ووضوح. يجب على الحكومة الحديث بشفافية عن أهمية النشاط الاستهلاكي في الحركة الاقتصادية و صعوبة تحقيق قدر اكبر من العدالة الاجتماعية في مرحلة انهيار اقتصادي. يجب على الحكومة الحديث بجدية عن الفساد و ان محاربة الفساد لا تعني محاربة الأغنياء. 

هذه الحقائق يجب ان تضعها الحكومة  أمامنا، حقائق يجب ان تشرحها الحكومة للشعب مثل ما حدث في اليونان و بلاد اخرى. وفي نفس الوقت تجد مصر نفسها في حالة عدم استقرار سياسي و هنالك ايضا مشكلة اكبر و هي حالة الحرب. البعض يدعي ان مصر ليست في حالة حرب و لكن نزاع على السلطة بين الجيش و الاخوان و اخرون ينظرون ألي داعش و الدولة الإجرامية التي أسستها داعش و ينظرون الي ليبيا و سوريا و يرون ان مصر في حالة حرب مصيرية. و هنا ايضا يجب علي عبد الفتاح السيسي و حكومته التي تدعي التكنوقراطية الحديث بصراحة عن الوضع الأمني. تحدث السيسي عن طموحة لمصر و انها ستكون " آد الدنيا" و لكنه لم يتحدث بوضوح عن خوفه عن انهيار مصر ككيان و دولة. 

المدافعون عن السيسي يتحدثون عن خوفهم من سقوط الدولة و عن الأجرات القمعية ضرورة لإنقاذ الدولة و لكن لم اسمع السيسي نفسه يتحدث عن الإخطار بوضوح و لكن في بعض الأحيان بالإيحاء. و معارضي السيسي يدعون ان خطر الإرهاب محدود للغاية و ما هو الا وسيلة للقمع و اعادة بناء دولة شمولية بوليسية خاضعة. لماذا لا تصارحنا حكومة السيسي ببعض الحقائق؟ لماذا لا تجيب علي الأسئلة التالية: 

١- ما دليلكم علي تورط الاخوان في أنصار بيت المقدس و سيناء و العمليات التكفيرين ضد المصريين؟ 
٢- ماذا يحدث في سيناء و كم عدد القتلي من المدنيين و الإرهابيين؟ 
٣- كيف تتوقعون وقف الشعب خلفكم في حرب مليئة بالسرية و الكتمان؟  

يجب على الحكومة معاملة الشعب كإنسان مدرك و ليس كطفل، تقول له أنصاف حقائق عن الوضع الاقتصادي و الأمني. طرق التواصل بين الحكومة و الشعب تذكرني بأنور السادات بعهد قديم، مرت عليه سنوات طويلة، قبل ثورة العولمة و ثورة التواصل الاعلامي و ثورة التواصل الاجتماعي. لن تنجح حكومة السيسي في اي من معاركها الاقتصادية او السياسية او الأمنية بدون تواصل حقيقي مع الشعب، تواصل موديل ٢٠١٤ و ليس تواصل موديل ١٩٧١ 

No comments: