ربما كان اللواء الدكتور عبد العاطي و لايزال حقيقة مؤمنا باختراعاته و طرقه في العلاج. صدقه البعض من المرضى و أهاليهم لانه اعطاهم بريق من الأمل في الشفاء و البعض صدقه لان الجيش المصري و قيادته وقف بقوة خلف مشروعه. انعدمت الاخبار ولم نعد نسمع عنه و لم و لن نقراء اي خبر عن محاسبة اي مسئول عن اهدار أموال الدولة في مشروع غاية في الغرابة، مشروع طبي يجري تحت إشراف هيئة هندسية!
كانت، بطبيعة الحال، التيارات الثورية من اكثر من وجه النقد لمشروع الكفته و سخر منه، و لكن من المؤسف ان التيارات الثورية تعاني من الكثير من المشاكل التي نراها في مشروع الكفته.
الثورة مستمرة
بكره الثورة تشيل ما تخلي
موجة ثورية قادمة
حتمية الثورة
شعارات جميلة براقة يصدقها من يشتدق بها و يرددها و لكن الحقيقة الواضحة وضوح الشمس ان الثورة منذ يومها فاشلة فشل مشروع الكفته. قامت الثورة بتحالف بين فريقين، فريق "الشعب يريد إسقاط النظام" و لكنه غير قادر على التوافق على النظام البديل و فريق اخر يريد بناء دولة سلطوية بشعار الرجوع الي الاسلام. النشوة الثورية و التفائل الذي نتج عن المشاركة العاطفية في ال ١٨ يوم و ما لحقهم تجعل تقييم احداث الثورة غاية في الصعوبة عند الأغلبية العظمي. التفائل الجماعي، قدرة المواطن الضعيف في مشاركته مع آلاف و ملايين مثله على هز عرش مبارك و إرغامه على الرحيل. ليس من السهل التجرد من العاطفة و الشعور بتحقيق الذات الذي عاشه الثوار، بل هو امر شديد الصعوبة.
اتذكر كتاب للصحفي الأمريكي الشهير كريس هيدجيز كتبه بعد تغطيته للعديد من الحروب اسمه War Is A Force That Gives Us Meaning او الحرب تعطي معنى لحياتنا. تحدث هيدجيز عن التغيرات الاجتماعية التي تصاحب الحروب المختلفة. مركزية الحرب في الحياة رغم قسوتها تعالج الفراغ المعنوي او العاطفي الذي يعاني منه البعض و تفرغ الطاقة في عمل جماعي غاية في الأهمية، مصيري.
انظر الان الي من يرفض الاعتراف بفشل الثورة و اجد فكرة هيدجيز امامي. الثورة أشغلت فراغ ذهني و عاطفي، العمل الجماعي و الشعور ان لحياة إنسان ما معنى لم يكن موجود قبل ٢٥ يناير هي العوامل الاساسية في رفض الاعتراف ان الثورة ولدت ميتة. غضب العديد من الأصدقاء من كتاباتي غضب شديد و تفسيري لهذا الغضب انه نتيجة لان انتقاد الثورة و ما حل بها، في اعينهم، كان هجوم مباشر على أشخاصهم هم التي تستمد معنى من الثورة التي وصمتها بالفشل. هجومي و انتقادي لفكرة تحول الي انتقاد شخصي جارح في اعينهم.
تستمر عقلية الكفته في احتلال موقع هام في وجدان العديد من الثوار، قراءة سريعة لكتابات الاشتراكيين الثوريين تضع أمامنا رغبتهم في العودة الي تحالف ٢٥ يناير مرة اخري. فشلهم في مواجهة اسباب الفشل الأصلي تسوقهم الي الرغبة في العودة اليه. كيف يقوم تيار يسمي نفسه ثوري بالدعوة الي التحالف مع تيار هدفه الأوحد هو "الرجوع". التقدمية و الرجعية تحالف طبيعي جدا اذا كنت مثل قادة الدولة الذي تنتقدهم ، غير قادر على الاعتراف بالفشل و غير قادر على الاعتذار. اعلم تماما ان الاشتراكيين الثوريين أقلية و لكن لهم تأثير كبير على باقي تيارات اليسار المصري.
تعاقدت الدولة مع شركة أمريكية اخترعت دواء حقيقي لمعالجة الڤيروس سي و حاولت ان تطوي صفحة اللواء الدكتور. الدولة المصرية غير قادرة على الاعتراف العلني بالفشل و الاعتذار، و لكنها قادرة على تغيير الطريق تماما. الدولة قامت بالتعاقد على السوفالدي لمصلحة الشعب رغم ان وجود السوفالدي و انشغال وزارة الصحة به اساء من صورة أنصار مشروع اللواء الدكتور. و هنا أقع في خلاف ضخم مع الثوار، العديد منهم لايزال يتمني سقوط و فشل نظام السيسي لان هذا في نظرهم سيعجل بالثورة الحقيقة التي ستقوم بحل مشاكل مصر!
الدولة العقيمة السلطوية قادرة على تقبل فكرة انها غلط و تعكس مسارها .. و لكن الثورة التي تدعي انها تمثل الشعب و اول كلمة في شعارها عيش لا تبالي بما يعني سقوط النظام. الثوار دون الاشتراكيون الثوريون يرفضون التحالف مع الاخوان و لكن كما كان الوضع في ٢٥ يناير يرون ان في إسقاط النظام تحقيقا لأهدافهم. و لان الشعب في الحقيقة لا يريد إسقاط النظام العديد من الثوار ساخط من الشعب الذي يدعي انه يقوم بما يقوم من اجله. بدل من مراجعة النفس ينشغل الثوار في معارك النقاء الثوري.
اتخيل تماما اللواء الدكتور جالس في منزله و يقول لنفسه "لو ادوني فرصة شهرين كمان...." و اقراء شعارات الثورة مستمرة. الثورة الحقيقة هي في مواجهة النفس بالحقيقة و التعلم منها و التحرك المستقبلي بطرق إيجابية.
كلما اكتب انتقاد للثورة يقوم البعض باستغلال ما اكتب و لذا انهي هذا المقال الطويل بفكرة إيجابية عن ما اتمني انا لمصر. إيماني تام وكامل بالمساوة المطلقة و الغير مشروطة بين كل مواطن مصري بغض النظر عن الجنس، العنصر، الدين او اللا دين، الميول الجنسية و بغض النظر حتى عن ولاءه لمصر. استخدم كلمة ثوار فيما اعلاه تجاوزا، لان من لايؤمن بالمساوة المطلقة في رايي ابعد ما يكون عن الثورة الحقيقة.
اريد ان اري مصر دولة مدنية ديمقراطية، لديها دستور بسيط و قصير و وواضح، دستور توافقي يسمح للتيارات الاسلامية بالمشاركة الكاملة. ارغب في حزف كلمة الشريعة الاسلامية من الدستور تماما و لكنني لا أعارض في وضع قوانين تكون مشتقة من اساس إسلامي. ارغب في العمل للمصالحة الاجتماعية الحقيقة و ارغب في تقوية و تصغيير حجم الجيش و خروجه الكامل من النشاط الاقتصادي بما فيه الأنشطة المغذية للجيش نفسه. أعارض النطام الحالي بشده و أشك في قدرته على النجاح لغياب الشفافيه و العودة الي طريقة الأنظمة الشمولية، و لكنني لا ارغب في فشله و اريد نجاحة و كما انتقده اشيد به عندما ينجز.
No comments:
Post a Comment