يعرف الصنم بانه تمثال او رمز يصنعه الانسان. عبادة الصنم تكون بالتقرب والتذلل والدعاء للصنم كاله او كوسيلة اتصال او شفيع مع الاله. كان القدماء يؤمنون ان الأصنام تساعدهم في التواصل مع عالم الغيب، مع من يتحكم في صحتهم وزراعتهم والأمطار والزلازل والفيضانات والاعاصير، في حياتهم .. قوة كونية لا يقدرون على التواصل المباشر معها ويستعملون الأصنام في دور الوسيط للتقرب منها والتوسل اليها.
ما هي الفكرة في تحريم عبادة الأصنام في الأديان الإبراهيمية؟ قناعتي ان الفكرة الاساسية هي بالاساس محاربة فكرة الوسيط. الأديان الإبراهيمية قدمت للإنسان فرصة للتواصل المباشر مع الله. قرات قصة عن الحاخام اليهودي هيلل وكان فليسوف معاصر للمسيح ويعد من أشهر رجال الدين في اليهودية. مجموعة من الناس أرادت اتخاذ اليهودية دينا وبعد زيارة عدد من رجال الدين انتهي الامر بهم الى الحاخام هيلل. طلبوا من هيلل ان يعلمهم اليهودية كلها وهو واقف على قدم واحد، فقال لهم هيلل: "ما تكره انت، لا تفعله في جارك. هذه هي التوراة بالكامل، الباقي هو شرح لهذا عليكم ان تذهبوا وتتدبروها"
فكرة الوصايا العشرة بالأديان الإبراهيمية هي بالاساس التعاملات. بالاضافة الى معاملة الانسان مع الانسان نجد ايضا عدم عبادة الأصنام او البعد عن الاعتماد على فكرة الوسيط للوصول الى الله. يوجد بالأديان الإبراهيمية أسس للعقائد المختلفة وعبادات ومتطلبات متباينة والله وحده يعلم أسبابها. لماذا تم تحريم الخنزير على اليهود والمسلمين؟ لماذا الصوم ولماذا الطهور ولماذا الوضوء ولماذا قواعد الطعام؟ قد يقدم البعض اجابات ونظريات ولكن الحقيقة ان الله وحده يعلم. هل هدف العبادات هو تذكير الانسان بالله حتى لا ينسي أهمية التعاملات؟ الله وحده يعلم.
اعود الى فكرة الأصنام او الوسيط. كيف يمكن ان نتخيل فكرة الوسيط في عالمنا الحالي، في عصرنا هذا. من الصعب ان نتصور ان يبني إنسان تمثال في القرن الواحد وعشرين لاتخاذه كوسيلة للتقرب الى الله. لماذا قامت كتب الأديان الإبراهيمية بالاصراًر على تحريم الأصنام وتكرار هذا التحريم مرات ومرات ؟ الله وحده يعلم الإجابة على هذه الأسئلة، اعتقد ان سبب التكرار هو الأهمية وصعوبة تنفيذ الامر الالهي. اصنام العصر الحالي قد لا تكون تماثيل او رموز، ربما تكون كتب، او أشخاص او أشياء اخرى تتسلط على المشيئة الإلهية وتلعب دور الوسيط. هل يلعب رجال الدين دور الوسيط؟ المسيحية الغنوصية المعرفية كانت تحارب فكرة الكهنوت واندثرت امام المسيحية الكاثوليكية الاورثوذكسية (قبل انفصالهما)، دور رجال الدين في الاسلام لا يختلف كثيرا عن الكهنوت المسيحي والأزهر وغيره يقدمون التفسير الرسمي للمشيئة الإلهية في الاسلام وبساطة الحاخام هيلل لم تعد مقبولة في اليهودية الممثلة في تعريف من هو اليهودي في اسرائيل ولا في المعابد اليهودية الاورثوذكسية في امريكا.
أيمن سعيد عاشور