Showing posts with label التعذيب،. Show all posts
Showing posts with label التعذيب،. Show all posts

Tuesday, February 09, 2016

التعذيب و محور الشر

تتفشى ثقافة العنف في مصر. العنف موجود في التعامل مع الأطفال في البيت والشارع والمدرسة والملعب، العنف موجود في المظاهرات السلمية وغير السلمية.. العنف موجود في أفلامنا وأغانينا، لكن رغم تغلل العنف في المجتمع، هنالك رفض واسع  لممارسته من قبل الدولة. التعذيب كان ولا يزال من أكبر أسباب غضب الشعب المصري، وربما كانت سلخانة التعذيب في ليلة الاتحادية  ٥ ديسمبر ٢٠١٢ هي نقطة التحول الأهم والمحرك الأكبر في انقلاب الشعب المصري على الإخوان المسلمين ونظامهم.
اصدق أن هنالك رغبة حقيقية من النظام المصري  للتخلص  أو على الأقل الحد من التعذيب والعنف في تعامل الشرطة وأجهزة الأمن مع المواطنين.. اتذكر حديث وزير الداخلية، منذ أكثر من عامين قبل توليه منصبه، في برنامج تلفزيوني عن دورات تدريب تقوم بها الوزارة عن حقوق الإنسان، تحدث باستفاضة وباستخدام ألفاظ علمية حديثة عن برامج كان يقودها عندئذ كمساعد لوزير الداخلية.. التخلص من التعذيب يعني تغييرا واسعا في منظومة ضخمة تحتكر قانونيا آليات العنف في ومن مجتمع يستعمل ويقبل العنف: النجاح في إحداث التغيير المطلوب يتطلب الكثير.
فكرة التغيير والنجاح في التغيير غاية في الأهمية في إدارة الأعمال، توجد كورسات عن إدارة التغيير change management وكتابات عديدة عن فكرة التغيير نفسها.
في مادة دمج وشراء الشركات التي أقوم بتدريسها منذ سنوات، جزء عن  التغيير وآلياته والعقبات التي يواجها من يسعى له.. مقاومة التغيير تشكل أحد أهم الأسباب لفشل مشاريع دمج شركات، ونرى أمامنا أمثلة عديدة: فشل دمج شركة كرايزلر الأمريكية مع  شركة  دايملر بنز الألمانية، ومثال آخر شهير في التكنولوجيا والإعلام  لشركتين أمريكتين، وهما إيه أو إل AOL وشركة تايم وارنر.
“التغير هو كإزالة شريط بلاستر لازق على جلد الإنسان، حدث صعب ومؤلم.. بطيء ومؤلم أو سريع ومؤلم” هذا المثال هو أحد الكليشهات حول صعوبة التغيير، يعبر بدقة عن طبيعة البشر.. التغيير صعب ومؤلم كإزالة البلاستر: change is painful, fast and painful or slow and painful. بعد استخدام جورج بوش لتعبير محور الشر أو Axis of evil ابتدعت استخدام التعبير ذاته لشرح طرق مقاومة التغيير وكيفية التعامل معها لطلابي.. يتكون محور الشر كما أقدمه من ثلاث نقاط:
أولا: لا يعلمون:
هنالك البعض قادرون على التغيير، ولكنهم لا يعلمون أن التغيير حقيقة مطلوبة وأن هنالك حاجة جادة للتغيير.. يقاومون التغيير لأنهم لم يصدقوا أو يفهموا أنه فعلا مطلوب.
ثانيا: لا يقدرون:
وهنالك البعض يعلم أن التغيير مطلوب، ولكنهم غير قادرون على التغيير، ربما يحتاجون إلى مهارات مختلفة أو أدوات جديدة.. يتشبثون بالطرق المعتادة لإنجاز أعمالهم ولا يعرفون طرقا أخرى لتحقيق ما هو مطلوب منهم.
ثالثا وأخيرا: لا يقبلون:
هولاء هم الرافضون عن علم وعن قدرة، يعلمون برغبة روسائهم في التغيير وقادرون على التغيير واستعمال طرق أخرى لتحقيق المطلوب منهم، لكنهم يرفضون التغيير.. الأسباب تتفاوت من خوف من فقد النفوذ إلى اختلاف مبدئي يرفض الأسباب والمنطق الذي يدعو إلى التغيير من الأصل.
التعامل مع الثلاث نقاط أعلاه غاية في الأهمية لإحداث وتفعيل التغيير المطلوب.. من لا يعلم نخبره بحتمية التغيير ونحاول أن نصل إليه عقليا بالأسباب التي تجعلنا نطلب التغيير.. من لا يقدر نقوم بتدريبه وتعليمه ونقدم له الآليات المطلوبة لتفعيل التغيير المطلوب، وأخيرا من لا يريد هو الأسهل، هذا نتخلص منه.. البعض لا يريد لأنه لا يعلم أسباب التغيير، وهذا قمنا بعلاجه في النقطة الأولى، والبعض لا يريد لأن لديه قناعة بداخله أنه لن يتمكن من القيام بدوره، وهنا النقطة الثانية وهي التعليم والآليات البديلة، ويتبقى في النقطة الأخيرة من لا يريد ويرفض التغيير مبدئيا، هؤلاء هم أعداء التغيير ولا جدوى في المحاولة معهم بغض النظر عن أسبابهم.
القضاء على التعذيب هو تغيير منهجي واسع يتطلب التعامل الجاد مع الثلاث نقاط.. الدورات التدريبية على حقوق الإنسان والعقوبات ضد ممارسي التعذيب أمور غاية في الأهمية، لكنها ليست كافية، وجود آليات وإمكانيات وأدوات للتحري والتحقيق جزء مهم من محاربة النقطة الثانية. يمكن للرئاسة والبرلمان تقديم مساعدة مهمة للقضاء على التعذيب، وهي تتمثل في التشريع بقانون يلغي القبول بالاعتراف على النفس كدليل، وهو ما نجده في معظم قوانين العالم المتقدم، وإلى أن يقوم المشرع بدوره، من الممكن أن تقوم الشرطة والنيابة بتعديل قواعدهما الداخلية لمنح الأفضلية في الترقيات لمن لم يتعامل مع اعترافات على النفس أو الغير بدون دليل مادي.. الاعتراف ما هو إلا جزء من الأسباب، اقدمه هنا كمثال.
التغيير ليس أمرا سهلا أو بسيطا، ويتطلب الاعتراف بعمق المشكلة وأسبابها وظواهرها وكل النقاط على محور الشر، وربما تبدأ الداخلية بكليات ومعاهد الشرطة المختلفة والتعامل مع العقاب البدني فيها.

 أيمن سعيد عاشور

نشرت هذه المقالة على موقع زائد ١٨ 

Saturday, December 26, 2015

ايام من حياتي - مراجعة لمذكرات زينب الغزالي

قرات عن زينب الغزالي بالانجليزية و كان انطباعي عنها جيد. فهمت انها، مع عمر التلمساني قد قامت  بتغيير تفكير الاخوان الي أيدولوجية تنبذ العنف و تؤمن  بالسلمية. قمت اليوم بقراءة مذكراتها و صراحة لازلت في حالة صدمة من ما قرات. 

١. تواجد الأيدلوجية التكفيرية غاية في الوضوح في كتاباتها و لا اعلم اذا كانت هي و عمر التلمساني فعلا قاما بمراجعة كاملة كما قرات من قبل ام لا.

٢. الكتاب ملي بمحاولات غسل المخ و تثبيت الاتباع على إيمانهم و رويات عن تواصل مع سيدنا محمد عن طريق الأحلام

٣. شعرت بقدر كبير من المبالغة اما في تفاصيل التعذيب او في الصمود امام التعذيب و يبدوا ان العديد من وسائل التعذيب الشائعة في سجون مصر مثل الكهرباء و السجاير لم تستخدم معها

٤. رغم مساعدة اليهود لها و عطفهم عليها بسجن القناطر تصفهم بأحفاد القردة و الخنازير مثلها مثل محمد مرسي

٥. و اخير الغرور المغلف بالايمان و الاسلام فهي ترى كل من يخالفها ضال. ينطبق على الجميع من سجناء القناطر الى كل من حزن من هزيمة ١٩٦٧ الي كل من حزن عند وفاة عبد الناصر

لا ادري اذا كان التغيير في الأيدلوجية حدث عقب كتابتها لهذه المذكرات و لكني أشك ان النذعة التمييزية الواضحة في كتابتها قد تكون تغيرت. تركني الكتاب في حالة حزن و غضب و جزء من الغضب كان من نفسي لفشلي في التعاطف الكافي معها في قصص التعذيب الفظيع التي عانتها. سأظل أفكر في هذا الكتاب لفترة طويلة،

Thursday, December 25, 2014

تقرير مجلس الشيوخ الامريكي عن التعذيب

ما هي أهمية التقرير و ما يعني لامريكا كدولة تتدعي انها دولة قانون تقدس حقوق الانسان و تعطي لنفسها حق تقديم النصح لدول العالم؟ قرأت عدة مقالات و تعليقات في الصحف المصرية تدور حول النقاط التالية:

- امريكا تتدعي كذبا احترام حقوق الانسان و تتدخل في شؤون الدول المختلفة بحجة حقوق الانسان و مشاكلها من التعذيب الي تعدي الشرطة على السود تفقدها الحق في توجيه النقد للغير.
- امريكا اثبتت لنا ان استعمال التعذيب و العنف المفرط و عدم اتباع القانون في فترات الأزمات و مكافحة الاٍرهاب أمر طبيعي و مقبول.  

و لكن قرأتي و انطباعي كمصري أمريكي بعد قراءة التقرير كانت مختلفة عن رد الفعل أعلاه ، طبعا كان لدي شعور بالغضب و التقزز من الاستعمال الموسع و المنهجي للتعذيب و انتهاكات حقوق الانسان و لكن هذا الجزء لم يحتوي علي جديد، فضائح التعذيب و تسريبات أبو غريب و قصص جوانتنامو كانت جزء أساسي من إنهيار منهج المحافظين الجدد و إدارة الرئيس بوش. أتذكر ايضا قرأتي لكتاب عن  الامريكي السوري الذي اعتقل بعد إعصار كاترينا في مدينة نيو أورليانز و كيف تحول هذا الامريكي المسلم الشجاع الذي ظل في مدينته للحفاظ على بيته و عمله.  عبد الرحمن زيتون كان يقدم المساعدة لكل من قابل بعد الإعصار حتى الكلاب التي هرب أصحابها و تركوهم كان يحضر لهم الطعام يوميا، تحول ذلك الانسان النبيل الي ارهابي مشتبه فيه، قرات عن معاناته في سجن أشبه بجوانتنامو داخل الاراضي الامريكية نفسها. التقرير لم يحتوي علي الجديد ليصدمني، و لكن نشر التقرير زاد من تقديري لامريكا كنظام و دولة قادرة علي مواجهة مشاكلها بشفافية، قادرة علي فتح جروح عميقة و تطهيرها، سأتحدث عن موضوع العقاب لاحقا و ايضا عن مازال يقلقني و كيفية ضمان عدم تكرار ما حدث مرة اخرى في المستقبل.

نعود بالذاكرة الي فترة ما بعد كارثة ١١ سبتمبر ٢٠٠١، جريمة ارهابية قاسية، اعتداء غاشم علي ابرياء مدنيين لا ذنب و لا حيلة لهم. ذلك الحدث المأسوي أوقع إدارة بوش تحت قبضة ما يسمى باليمين المتشدد او المحافظين الجدد تحت قيادة نائب الرئيس الامريكي ريتشارد تشيني. الأحداث تعاقبت لعلاج مشاكل الاٍرهاب طبقا لعقيدة المحافظين الجدد: الاٍرهاب النابع من التيار الاسلامي المتشدد، في نظرهم، هو نتيجة عدم وجود مجتمع استهلاكي ديمقراطي  فبدلا من تركيز كل إنسان في نفسه و طموحاته كما يحدث في امريكا يقوم أهل الشرق الأوسط او العالم الاسلامي بتفريغ طاقتهم السلبية و فشلهم في تحسين ظروفهم في التحول الي التطرّف الديني و كراهية الغير بدا باليهود و اسرائيل الى القيام بعملية ١١ سبتمبر ٢٠٠١. الغاية بررت الوسيلة لتشيني و اتباعه، غزو العراق لبناء ديمقراطية حقيقية قادرة علي تقديم مثال للشرق الأوسط الجديد، تحالف أعمق مع اسرائيل كخط دفاع اول في المواجهة مع التطرّف الاسلامي، الي اخره كما شاهدنا في فترتي رئاسة بوش. الغاية تبرر الوسيلة كانت شعار المرحلة حتي في تطبيق القانون و هنا كان دور هام لمحامي البيت الأبيض و رجال القانون من المحافظين الجدد.

بوش، تشيني و رامسفلد و وولفويتز هي الأسماء التي سمعنا عنها مرارا عن تلك الفترة و لكن المسؤلية الكبري عن التعذيب تقع في الحقيقة مع أشخاص اقل شهرة و أهمهم چون يوو، رجل قانون غاية في الذكاء، أمريكي من أصل كوري، تلقى تعليمه في اعظم جامعات الولايات المتحدة و تعلم القانون تحت إشراف مشاهير القضاة و لكن جون يوو كان يميني متشدد، استغل عبقريته القانونية في تفسير القانون الدولي و الامريكي بطريقة سمحت لامريكا بتجاهل معاهدات چينيڤ الدولية لمعاملات اسرى الحرب. روؤية چون يوو للقانون الامريكي في فترة رئاسة كلينتون ان سلطات الرئيس محدودة للغاية فيما يتعلق بقدرته على الحفاظ على سرية منصبه في الامور الداخلية و لكنه كتب مقالات مؤيدا لكلينتون في التدخل الامريكي في سرابيا بدون طلب الموافقة من الكونجرس، يؤمن  يوو بان القانون و الدستور الامريكي يعطي الرئيس سلطات واسعة للغاية في شؤون الأمن القومي. آراء چون يوو كانت السبب الأساسي في تعيينه في إدارة بوش في ما يقابل وزارة العدل و هنا قام يوو بإصدار تفسيرات قانونية سمحت بممارسات التعذيب لحماية الأمن القومي الامريكي. واجهت تفسيرات يوو القانونية المعارضة من بعض رجال القانون في الجيش الامريكي و في وزارة العدل نفسها كما عارضها ايضا كولين باول وزير الخارجية عندئذ، و لكن تم اعتماد تفسيرات يوو من محامي البيت الأبيض و من وزير العدل وعُرفت تقارير بعد التسريبات التي فضحتها برسائل التعذيب او Torture Memos. چون يوو لم يكن محامي صغير او موظف بسيط يريد فقط رضاء كبار المسؤلين بل بالعكس،  فلقد كان أستاذ للقانون في جامعة من اهم جامعات امريكا و أشهرها و عند تعينه مساعد لوزير العدل كان رجل قانون ذو سمعة و صيت و نشر له العديد من الأبحاث القانونية و المقالات في اشهر صحف امريكا.

تاريخ الشعوب كلها مليئ بالاخطاء، بعضها تواجه اخطائها بصراحة و تتعلم منها كشعوب و دول و مؤسسات، للولايات المتحدة العديد من الأخطاء من التفرقة العنصرية ضد كل من هو ليس أوروبي بروتستانتي ابيض الي اعتقال أبناء امريكا من أصول يابانية اثناء الحرب العالمية الثانية الي فضائح المخابرات الامريكية في الخمسينات و الستينات و فضائح التجسس و التعذيب التي حدثت بعد ١١ سبتمبر ٢٠٠١. نجحت الولايات المتحدة في مواجهة تاريخها العنصري نجاح لا مثيل له في تاريخ الشعوب، قوانين حازمة لمكافحة التمييز و العنصرية، قوانين تعطي الافضلية لشركات مملوكة للاقليات، منظومة التعليم و الاعلام كلها تعمل بجدية للقضاء علي التمييز، هل هذا النجاح كامل ؟ طبعا لا و نسمع عن مشاكل و احداث و موت ابرياء و لكن هذا الفشل لا يقلل من الجهد الغير مسبوق تاريخيا في مكافحة التمييز شعبيا، قانونيا، اقتصاديا و حتى لغويا. و كذلك نري ماساة اعتقال اليابانيين الامريكين بناء علي قرار الرئيس روزفلت، تقدم الرئيس رونالد ريجان باعتذار مفصل و كامل للمعتقلين و ابنائهم و احفادهم. اتذكر انني، في أعقاب سبتمبر ٢٠٠١، كنت ألقي مجموعة من الخطب عن الاسلام و طبيعة حياة المسلمين في عدة مدارس  في مدينة بوسطن مع أمريكي ياباني قضي طفولته في معتقل مانذنار في ولاية كاليفورنيا، كنت اتحدث انا عن الاسلام كدين و هوية لمئات الملايين من البشر باختلافاتهم و وجود تسامح و تطرف، روحانية جميلة و عنف بغيض، و كانت رسالتي الاساسية ان وجود إرهابيون مسلمين لا يعني ان كل المسلمون إرهابيون.  و كان رفيقي الياباني الامريكي يتحدث عن حياته و اسرته في المعتقل لمدة تقارب الثلاث سنوات و نشاطه مع اخرين للحصول علي اعتذار رسمي من الادارة الامريكية. إعتراف أمريكا بالأخطاء في حق اليابانيين و مواجهة تلك الأخطاء كان سبب أساسي في كسر شوكة ردود الفعل ضد العرب و المسلميين. هل كانت ردود الفعل مقبولة؟ بالطبع لا و لكن مقارنة سريعة بأحداث مماثلة في العالم ترينا نجاح أمريكا تخطي أخطائها و النضج كحضارة و دولة، و كيف تتعلم الشعوب من اخطائها.

و الان ماذا عن تقرير مجلس الشيوخ الامريكي و التعذيب، دعنا نتذكر أن الرئيس اوباما بعد توليه منصبه بيومين قام بإلغاء التفسيرات القانونية التي وضعها چون يوو و استعملتها إدارة بوش، دعنا ايضا نتذكر ان محامي البيت الأبيض في فترة بوش الأولي ألبرتو جونزالس الذي تولي منصب المدعي العام او وزير العدل عام ٢٠٠٥ أرغم علي الاستقالة من منصبه في ٢٠٠٧ بعد تسريبات عن التعذيب و دوره في الموافقة على آراء يوو. كلا من جونزالس و يوو واجها تحديات قضائية من بعض ضحايا التعذيب و جهات حكومية و ادارية مختلفة. في الأيام القادمة و بعد نشر تقرير مجلس الشيوخ أتوقع ان تتزايد الضغوط علي الادارة الامريكية لمعاقبة يوو و اخرين. لقد قامت امريكا بمواجهة نفسها بالتفاصيل عن ما حدث بعد احداث سبتمبر و كيف سمحت الدولة لنفسها باسم الحماية من الاٍرهاب بالانهيار القانوني و الاخلاقي الذي أدي الي السماح بالتعذيب و التجسس. كشفت امريكا الفضيحة الحقيقية و هي التلاعب بالتفسيرات القانونية لتبرير وسائل غير قانونية. تقرير مجلس الشيوخ يساعدنا في الوصول الي حقيقة هامة وهي ان الأمن القومي يعزز بإحترام القانون و ليس بالتلاعب عليه و ان دور الرئيس و الادارة هو الحفاظ على الدستور أولا و قبل كل شي، الدستور، نعم الدستور و الحفاظ عليه اهم من الأمن القومي! و لكن بدون عقاب صارم هل يقدم تقرير مجلس الشيوخ الردع الكافي؟


من قاموا بالتعذيب قاموا به تحت ستار قانوني كامل و لا يمكن مسألتهم قانونيا كما حدث بعد فضيحة التعذيب في سجن ابو غريب فالعراق و التي حوكم فيها كل من كان له دور في التعذيب من أفراد الجيش الامريكي . الجريمة الحقيقية في فضيحة التعذيب لل سي اي ايه او وكالة الاستخبارات المركزية كانت في ما فعل يوو من إصدار التبريرات القانونية و من المسؤلين السياسيين في إدارة بوش الذين طلبوا التبريرات و اعتمدوها رسميا. ولذا اجد نفسيي كمواطن أمريكي غير مكتفي بتقرير مجلس الشيوخ و اشعر بالقلق ان يوما ما يعود المحافظون الجدد الى الادارة الامريكية و يقوم چون يوو جديد بإصدار تبريرات مماثلة. أريد ان أري ضمان للشفافية في المستقبل ، اريد ان ارى قوانين صارمة تعتبر إصدار تفسيرات قانونية من هذا النوع بدون نشر واسع او مراقبة برلمانية جريمة، اريد ان ارى ضمانات قانونية تحمي من يعترض على العمل بمثل تلك التفسيرات اذا كانت ضد روح القانون و قيم حقوق الانسان. اعلم تماما ان  الولايات المتحدة كدولة عظمي تتحمل مسؤلية ضخمة، و لذا يتحتم على إدارة اوباما ان لا تتقاعس عن العمل مع الكونجرس في الوصول الى حل يضمن احترام إنسانية المعتقل او المسجون سواء كان داخل أراضي الولايات المتحدة او خارجها، أمريكي الجنسية او اجنبي، يتبع جيش نظامي او عضو في جماعة ارهابية او حتي سفاح فرديي. قيم امريكا و ما تتدعي انها تمثله لن تنتصر بممارسة أساليب چوزيف ستالين او أساليب داعش. خطورة ما حدث تكمن في صعوبة المسائلة القانونية لاي من الاطراف و لا يزال يوو يجادل في صواب ارائه البشعة و هنا جوهر ما يقلقني.


نعود الان و ننظر الي القراءة المصرية لتقرير مجلس الشيوخ، هل فعلا فقدت الولايات المتحدة الحق في انتقاد الغير؟ بالطبع لا، فها هي تبحث في فضائحها و تنشرها، ها هي لجنة تقصي الحقائق في مجلس الشيوخ تبحث و ستقصي و تعلن للعالم كله الفضيحة بتفاصيلها و تتناول طرق التعذيب المختلفة و حتى عدد المرات التي استخدمت فيها. هل اثبتت امريكا ان العنف المفرط و التحايل علي القانون امر مقبول لحماية المواطنين؟ بالعكس تماما، تقرير مجلس الشيوخ تطرق الي عدم جدوى التعذيب كوسيلة استخبارية و لكن الأهم من هذا هو ما أثبتته إدارة اوباما في قدرتها علي ملاحقة و قتل اسامة بن لأدن وحماية شعبها بدون استخدام تلك الوسائل الحقيرة. و كذلك نقراء الان عن كيف ساهم تعذيب ابو غريب في خلق ارهاب داعش الفظيع.


الشفافية و العلانية في امريكا تعطي الفرصة لمن يريد ان يبرر اي جريمة بقول ان ذلك يحدث في امريكا و لكني اختلف بشدة مع هذا الرأي، اوافق تماما ان المجتمع الامريكي يعاني من العنصرية و التمييز،  و لكن دعنا نتذكر ان الولايات المتحدة مرت بحرب أهلية مريرة قبل ان تتمكن من تحرير العبيد و دعنا ايضا نتذكر ان القانون في كاليفورنيا مثال الحرية و التقدم في امريكا لم يسمح بزواج ياباني من ابيض في أوائل القرن الماضي، العنصرية الممنهجة لازالت تعني ان الأطفال السود في اغلب الأحوال يحصلون علي قدر اقل من الرعاية الصحية و التعليم من المجتمع ككل، المشاكل موجودة و لكن هنالك باستمرار سعي دائم لاقرار قوانين تحارب العنصرية و التمييز و لكن المجتمع لازال يعاني من العنصرية، نجد ان في بعض الأحوال تطبيق القانون بحذافيره لا يصل بنا لإنهاء التمييز و هنا نرى فائدة الشفافية و العلانية و نجد تطبيق عقوبات اقتصادية من المجتمع ذاته على من يقوم بالتمييز و ضغوط لتغيير القوانين للوصول الى الهدف و هو بلا جدال هدف سامي و هو التخلص النهائي من العنصرية و التمييز. لن تصل الولايات المتحدة لهذا الهدف في حياتي و لكنها تقترب اليه كل يوم. دعنا نتذكر ان الولايات المتحدة انتخبت باراك حسين اوباما رئيساً مرتين حتى نكون منصفين في حكمنا علي تقدم المجتمع و قدرته على معالجة مشاكله.


كمصري كم أودّ ان نسمح لانفسنا ببعض من التواضع الحقيقي، و كم أودّ  ان اسمع يوما عن لجنة تقصي حقائق عن احداث تاريخية حتى نتعلم كشعب و نتعلم كدولة من اخطائنا، هل قمنا بتقصي حقائق حرب اليمن او نكسة ١٩٦٧ او الثغرة التي عقبت انتصارنا في حرب أكتوبر ١٩٧٣؟ لا لم نفعل  و اذا فعلنا لم ننشر فهل تعلمنا؟  ..  هل قمنا بتقصي الحقائق عن استخدام التعذيب و العنف الجنسي ضد المسجونين السياسين منذ عهد عبد الناصر؟ ماذا تعلمنا كأمة و كدولة من حركة التأميمات في الستينات؟  و ماذا عن اعتقال ما يزيد عن ألفين يهودي مصري بعد حرب ١٩٦٧ ؟ هل كان هذا خطا يجب ان نعتذر عنه؟ و الان تواجه مصر حرب شرسة ضد الاٍرهاب و هي حرب أشد خطورة من حرب امريكا ضد الاٍرهاب، هل هنالك ما نتعلمه من تقرير مجلس الشيوخ الامريكي؟ بلا جدال اعتقد ان امريكا قدمت للعالم كله مثال واضح للشفافية و الاعتراف بوجود فشل و مشاكل و انا لا اعرف طريقة لحل اي مشكلة لا تبدأ بالصراحة مع النفس.


ايمن سعيد عاشور

first appeared on Mada Masr 

Tuesday, August 19, 2014

حكاية قصيرة عن منظمات حقوق الانسان

منذ صغري و كنت استمع الي قصص تعذيب في سجون جمال عبد الناصر، و بعد تخرجي و فترة عملي القصيرة في الكويت، زميلي المصري اختفي في العراق و قبض عليه و عاني من التعذيب أشهر .. أتذكر حضور زوجته الي المكتب يوم بعد يوم و أتذكر زيارتي له في منزله بعد عودته و كيف اثناء عناقي له تشبث بي و صرخ " الكهربا يا أيمن الكهربا" .. اسمع تلك الكلمات في أذني اليوم كما انها كانت أمس و ليست ١٩٨١. 

هاجرت الي الولايات المتحدة في نفس العام و أصبحت عضو في منظمة العفو الدولية Amnesty International ، عضو عادي أتبرع بمبلغ بسيط كل عام و تصل لي مجلتهم و خطابات مختلفة عن حالات مختلفة في دول العالم المختلفة. 

و بعد عدة سنوات تقدمت لاختبار الحصول على الجنسية الامريكية و في اثناء المقابلة سألني المسئول بنوع من التحدي و المواجهة عن عضويتي بمنظمة العفو : الا تدري ان تلك المنظمة تساعد مهاجرين غير شرعيين في جنوب غرب الولايات المتحدة؟ فوجئت بالسؤال و أجبت بصرامة ان فرع المنظمة في امريكا لا يتدخل في اي موضوع داخل امريكا نفسها و ان من مبادئ المنظمة الاساسية التدويل فكانت فروع اخري من المنظمة في دول اخري تتحدث عن احكام الإعدام في الولايات المتحدة  و خلافه و لكن اهتمام المنظمة الامريكية كان بالعديد من دول امريكا اللاتينية و اسيا مثل تشيلي، كامبوديا، تركيا الخ. استمر في الحديث عن المهاجرين الغير شرعيين و زادت حدة نبرتي في الدفاع عن موقفي. و بعض بضع دقائق انتقل الي سؤال اخر ثم عاد الي منظمة العفو الدولية و قال انها منظمة جيدة و مبروك. 

الشرطة و الجهات الرسمية في كل مكان لا ترغب برقابة منظمات المجتمع المدني عليها و الفارق الأساسي بين ما رايته في الولايات المتحدة و حياتي في دول شرق اسيا و الشرق الأوسط هو قوة القانون و حمايته للحريات. لو كانت مناقشتي الحادة أعلاه دارت في مصر او الصين كان من المؤكد ان النتيجة اختلفت و لكن كانت في امريكا و رغم كراهية ذلك المسؤول لعضويتي في منظمة بعينها الا انه تحتم عليه بقوة القانون ان يقوم بمهمة وظيفته بدون تمييز. 

نري الأحداث العنصرية في مدينة فيرجسون و يتسارع الجميع باستخدامها كتبرير لما يحدث في مصر و لكن ما نراه في فيرجسون حالة نادرة و لذا تركيز الأعلام عليها. امريكا مليئة بشرطة عنصرية و لكن قوة القانون تردع تلك العنصرية، منظمات المجتمع المدني تلعب دور محوري في الوقوف مع الضعيف حتي يتمكن من الحصول علي حقه بالقانون. أتذكر كيف ساندت شاب أردني اسمه جهاد رفضت شركة الطيران في امريكا السماح له بالسفر بعد شهر او شهرين من احداث سبتمبر و كيف حصل بعد ذلك علي اعتذار و تعويض بقوة القانون بمساعدة منظمات مجتمع  مدني أمريكية، منظمات افخر بعضويتها و نشاطي السابق بها

أيمن عاشور 

Tuesday, June 10, 2014

علمتني مني الطحاوي

   علمتني منى الطحاوي الفرق بين التحرش و العنف الجنسي


علمتني منى الطحاوي ان افرق بين التحرش الجنسي الذي يقوم به البعض في المجتمع و العنف الجنسي الممنهج الذي تقوم به دول او جماعات كأداة لتحقيق أهداف بعينها، كفرض الإرادة او انتزاع الاعترافات  بتهديد النساء بالعار و الفضيحة.

 قد يكون الدافع  الأساسي للتحرش الجنسي هو الرغبة الجنسية من طرف المًُتحرش و لكن العنف الجنسي دافعه الحقيقي ليس جنسي. إنما ما هو الا وسيلة من وسائل التعذيب النفسي و الجسدي احيانا و الشعور بالسلطة و القوة و التباهي امام ذكور أخريين أحيانا أخرى.

يكاد يترامي إلي مسمعي حوار الذكور بعد انتهاء حفلتهم و عودتهم الي القهوة في منطقتهم  

عيد: شفتم بقى الحته اللي انا شأطتها لكم النهاردة
محمد: بس انا اللي زنقتها
بقدونس: انا خدتلي افووش ابن حرام 
مرسي: بس يا ابن المره انت ما جتش ناحيتها 
بقدونس: ازاي دا انا اللي قلعتها ال ..

جلست أفكر في ما كتبت منى الطحاوي و الحوار الخيالي و راجعت في ذهني فيديوهات اخري مثل لحظات القبض علي البير صابر، الشاب الذي اتُهم بازدراء الأديان و ما قرأت و سمعت و شاهدت عن مذبحة الشيعة في الجيزة. فكرت أيضاً في الشتائم المليئة بصور من العنف الجنسي لإثبات القوة و السيطرة على الآخرين؛ و توصلت الي عدة استنتاجات:

١. الداخلية بلطجية حقيقةً ولكن البلطجة تعمقت في الشعب و البلطجة علي الضعيف أصبحت منهج عام.

٢. كراهية و احتقار النفس وباء أصاب الملايين من المصريين و العنف ضد الضعيف ما هو الا انعكاس للشعور بالضعف و العجز.

٣. لا اعتقد ان هناك شعور جنسي حقيقي لهؤلاء الذين يقومون بالاعتداء الجنسي الممنهج كنوع من التعذيب و لا اعتقد ان المشاركين في عمليات العنف الجماعي يتمتعون متعة جنسية و لكنهم يشعرون بنوع من المتعة من شعورهم بالقوة. لعل استمتاعهم بضرب او سب البير صابر لا يختلف كثيراً عن متعتهم من المشاركة في العدوان الجماعي.

٤. لم أقرأ يوما عن محاسبة إنسان واحد منذ عهد جمال عبد الناصر الي الان دفع ثمن  تحريضه او اشتراكه في عنف جنسي ضد المواطنين و اعتقد انه لن بجادلني العديد في ان انواع عديدة من العنف الجنسي حدثت.

٥. كتبت و كتب اخرون عن المجتمع الذكوري و نظرة المجتمع للمرأة كأنها كائن اقل من الرجل، ربما اعلي من درجات حيوان أليف و لكن لا يرتقي الي مكانة الرجل. اوؤيد تلك التحليلات و لكني لا اعتقد انها تقدم اجابة كافية لعمليات العنف الجماعي. أتوقع تماماً ان في القريب سنرى و نسمع عن قصص عدوان جنسي جماعي على ذكور و ربما أيضاً أطفال.

٦. الذكورية و استغلال الدين في تبرير الذكورية مع الكبت الجنسي و عدم احترام جسد المرأة تقدم لنا شرح لأسباب التحرش الجنسي و لكن تلك الأسباب قد تكون غير كافية للعنف الجنسي الجماعي.

٧. استغلال الدين و التقاليد في تبرير بعض انواع العنف الجنسي. أتذكر وقوف مصر و عدة دول إسلامية امام اعلان من الامم المتحدة عن حقوق المرأة اعتراضا علي تجريم الاغتصاب في حالة الزواج، قانون مصر يسمح للزوج بفرض نفسه و اغتصاب زوجته بالعنف. الدولة تستعمل العنف الجنسي و تسمح بالعنف الجنسي ضد الزوجة كحق للذكر.

٨. اعتقد ايضا انه هنالك نوع من الكراهية الطبقية و ان الاعتداء على بنات متحررات متعلمات يعطي هؤلاء الذكور متعة مضاعفة،  فها هو المشارك يقوم بإملاء إرادته و غزو جسد انسانة تفوقه تعليما و تنتمي الي طبقة اعلي منه، مرة اخري نعود الي كراهية الذات.

٩. الثقافة في مصر و حتي علي مستوي النخبة في أشد الحاجة الي مراجعة الذات وخاصة في مواضيع حقوق الانسان، أتذكر منذ عام او اكثر احد أقاربي من شباب الثورة أراد ان أشاهد فيديو مضحك عن رجل ربما ابله او سكران يتعامل مع الشرطة، لم اجد المشهد مضحك و لكني وجدته مؤلم للغاية. ضحك قريبي الشاب و سخر من امتعاضي. كما قلت في اول استنتاجاتي أعلاه ؛ البلطجة منهج و حتى في اثناء الثورة كما كانت الداخلية بلطجية، كان الثوار ايضا بلطجية و كان الاخوان بلطجية ... البلطجة منهج يجب القضاء عليه، كل في موقعه.

و هنا أتذكر مني الطحاوي و نظريتها ان الثورة في مصر لن تنجح الا اذا بدأت في رؤوسنا نحن، و كان تعبير منى الطحاوي عظيم، فقد قالت ثرنا على حسني مبارك و لكن الثورة الحقيقية هي علي حسني مبارك الذي يقبع داخل رؤوسنا. ثورة علي التسلط و طريقة تفكير أدت بنا الي ما وصلنا له من تردي.

نريد ثورة في عقولنا و وجداننا و ضمائرنا علي البلطجة و علي العنف و كراهية الذات، نريد ثورة علي السلطوية كمنهج حياة، نريد النخبة ان تعيش أفكارها و ما تدعوا اليه. يتحتم علينا مراجعة استخدامنا لكلمة تحرش جنسي لوصف العنف الجنسي ، و معرفة الفروق بينهما قد تساعدنا في فهم كلا من الظاهرتين و هذا الفهم مطلوب لمجابهة الكوارث التي تطالعنا.

أيمن عاشور
١١ يونيه ٢٠١٤

Tuesday, May 20, 2014

ما بعد الثورة

الأغلبية العظمي من الناس ترغب في الأمان و الاستقرار، ربما كانوا مخدوعين، بس حقهم و لا انا و لا انت أوصياء عليهم! 

منذ اواخر ايام مبارك و الدولة في انهيار و احترام السلطة بفسادها غير موجود و لكن  الآن الصورة تغيرت برغبة الأغلبية من الشعب او حتي على الأقل برغبة أقلية كبيرة و ومؤثرة،  و هذه حقيقة واضحة أمامنا.

احتكار الدولة للعنف كأداة امر طبيعي في كل دول العالم،  و لكن هذا الاحتكار سقط اخر ايام مبارك و ايام المجلس العسكري و معارك محمد محمود و مجلس الوزراء و أوضح  مرسي برغبته في اعادة احتكار الدولة للعنف، و لكن لم يتمكن لعدة أسباب. اليوم و بالتحديد منذ التفويض و فض رابعة و الدولة مصممة على انتزاع حقها في احتكار العنف. و كان حظر التجول  يمثل مرحلة انتقال في قدرة الدولة على فرض سلطتها.

قانون التظاهر غير دستوري و لكنه و لايزال قانون و الدولة مصممة علي تطبيقه الي ان يتم تغييره او إسقاطه من قبل المحكمة الدستورية. 
الثورة و الموجة الثورية انتهت تماما، حقيقةً  تحققت بعض المكاسب و لكن، كثورة تسعي الي قيام نظام جديد، فشلت، و كان لهذا الفشل العديد من الأسباب، أهمها ميوعة أهداف الثورة،  و هذا ما سمح لأكبر رجعية على الساحة باعتلائها وتصدرها، جماعة السمع و الطاعة و من كانو يغنون : يا بديع يا بديع انت تأمر و احنا نطيع! 

 توافقنا كان في المعارضة فقط و ليس في الإيجابية، فشلنا في الالتفاف حول البرادعي لانه لم يكن يساريا بدرجة كافية و لم يكره اسرائيل و يرفض معاهدة السلام. 

كنا كمن يريدوا أن يذهب البواب ليحضر لهم طعام و لكن لم يتفقوا علي ما يريدون. و لا زلنا غير قادرين على الإتفاق.  ثورتنا سعدت بالمجلس العسكري و عصام شرف و محمد مرسي عند توليهم المسؤولية و لكن سرعان ما بدأت في رفضهم. الإيجابية و الاتفاق اصعب و النقد دائماً اسهل. 

انا ارفض التعذيب و الظلم و ارفض انتهاك حقوق الانسان و الإعدامات الجماعية و سجن النشطاء و لكننا فشلنا في بناء دولة جديدة فليس أمامنا الا الاعتماد على دولتنا بكل عيوبها في اعادة الأمن و الاستقرار الذي تطلبه الغالبية العظمي. 

مصر الان في مرحلة الإصلاح و الدعوة الى الإصلاح بالطرق القانونية المسموح بها فقط و التطاول علي هيبة الدولة يؤثر سلبيا علي الحرية المتاحة للجميع لان أنصار دولة مبارك يطمعون في الإطاحة بمكاسبنا المحدودة، فهم متربصون دائماً لاخطأنا.

هذه هي الحقيقة التي أراها أمامنا و رومانتيكية الثورة و النوستالجيا الي ايام التوافق الجميل و الأمل و العزة بمصريتنا هي الان ذكريات. هل نتقبل ان ثمن التغيير اعلي من ما السواد الأعظم من الشعب  على استعداد لتقديمه؟ هل نتقبل ان الغالبية العظمي تلوم الثوار على وصول الاخوان الى الحكم؟ ستقول لي الاعلام الشمولي و أبانا في المخابرات و ان كلها خطة، و نحن ضحية مؤامرات الخ  .. ممكن و لكن نحن اخطأنا و فشلت الثورة و الان المساهمة في الإصلاح او الهجرة او الصمت او الانتحار الجماعي، اختار!

أيمن عاشور 
21  مايو 2014