Showing posts with label الثورة. Show all posts
Showing posts with label الثورة. Show all posts

Friday, April 24, 2015

الثورة الاجتماعية والانتحار- خواطر

مصر تعيش في حالة ثورة، ثورة اجتماعية صاخبة، تتحدى العديد من التابوهات. قناعتي اليوم أن ٢٥ يناير كانت بداية انفجار تلك الثورة على الكثير من التقاليد والأفكار السائدة في المجتمع. الجانب السياسي لـ ٢٥ يناير كان بالأساس انتفاضة رفض لحكم وشخصية حسني مبارك، وعدم وجود رؤية سياسية بديلة متوافق عليها هو ما أدى إلى ما وصلت إليه مصر اليوم. ربما لم تكن هنالك ثورة سياسية حقيقية حتى تنجح أو تفشل ولكن الثورة الاجتماعية وصراعاتها وتداعياتها بلا شك حقيقةً مستمرة.
ثورة مصر الاجتماعية لا تزال تعبر عن نفسها بأساليب متباينة من موسيقى وجرافيتي إلى شعر وتصوير وبلوجات. الثورة الاجتماعية موجودة في ملايين البيوت في مصر ضد الآباء والأمهات وفي المدارس والجامعات وأماكن العمل ضد المدرسين وأصحاب السلطة وفي المساجد والكنائس ضد رجال الدين وتقاليدهم. وكذلك ربما تكون المعارضة الشديدة والكراهية التي نراها حولنا من العديد من الناس لثورة ٢٥ يناير تكون أيضًا في الأساس معارضة وكراهية للتغيير الاجتماعي الذي نراه حولنا أكثر من ما هي رغبة في عودة مبارك ونظامه. أصبح مبارك رمزًا لمجتمع بعينه، مجتمع طاعة الكبير، مجتمع السلطوية والذكورية وتبريرات لا تنتهي لهما، مجتمع لا توجد به علياء المهدي وصورها، مجتمع لا يوجد به أمثال باسم يوسف وسخريتهم اللاذعة، مجتمع ما قبل الجهر بالإلحاد وأمثال ألبير صابر ومن يسمي نفسه كريم الديب، مجتمع يتقبل ملحدات متحجبات صامتات على إلحادهن، مجتمع لا توجد به ألفاظ غريبة ككلمة مثليي ومثليين، مجتمع مليء بأفكار قذرة وتعبيرات راقية جميلة تداري قذارة الأفكار والأفعال، مجتمع مليء بالتناقضات الصامتة المختفية، مجتمع يتقبل الغاية تبرر الوسيلة من القوي ويرفضها من الضعيف.
تواجه مصر الآن ظاهرة جديدة، هي انتحارات الشباب، اعتقادي الخاص أن انتحارات الشباب بدأت منذ فترة ولكن الرغبة في الكذب على النفس لأسباب عدة جعلتنا نرفض تصديقها إلى الأسابيع القليلة الماضية. رفضنا قبول أن صديقًا ما أو قريبة لنا قاموا بالانتحار، رفضنا لأسباب دينية.. رفضنا لأن انتحار عزيز علينا يعني أننا لم نقف بجانب أحبائنا بقدر كافٍ؛ لأنهم فقدوا الأمل ولم نكن بجوارهم نمد أيدينا إليهم ونعيد لهم الأمل المفقود، ننكر انتحارهم لأنه يخيفنا نحن من أنفسنا، لأننا مثلهم ولكننا نخشى الموت المخيف، ولكن الآن نجد أمامنا موجة الانتحار بالشنق تتحدَّانا، صعّب أن ننكر الانتحار. حتى في انتحارهم شباب مصر يرغموننا على مواجهة الحقيقة، لم يعد من الممكن أن نقول إن فلانة ماتت مخنوقة لخطأ ما في غاز السخان أو أن فلانًا تعثر وسقط من طابق علوي.
ما أسباب موجة الانتحارات التي نراها، وهل هي فعلًا في تزايد حقيقي؟ للأسف الإحصائيات الموجودة لا تسمح لنا بمعرفة الحقيقة بطريقة علمية؛ لأن ما يسجل على أنه انتحارهو فقط ما كان مستحيلا إلحاق سبب وفاة آخر به، ولذا نجدنا في مرحلة تخمين وتوقعات مبنية على رؤيتنا للأحداث والتغيرات حولنا.. باختصار تكهنات. هل الإحباط السياسي ونظام الحكم الحالي هو ما يؤدي إلى زيادة معدلات الانتحار؟ لا أظن أن هذا هو السبب ولكن قناعتي أن الأسباب في الانتحار عادة تكون في نطاق الميكرو وليس الماكرو، بمعنى أنها تكون أكثر قربا إلى الإنسان نفسه وما يلامسه شخصيًا. أفكر في نفسي، هل سأفكر جديًّا يومًا في الانتحار؟ أعلم أنني لا أريد أن أعيش حياة والديّ في معاناتهما من أمراض الباركينسون والزاهيمر في أواخر أيامهما. على مستوى الميكرو بالنسبة لي شخصيًا هل يكون إنهاء حياتي يومًا ما أفضل من معاناتي من مرض عضال، لا شفاء منه، وانتظاري للموت في تدهور ذهني وصحي مستمر؟ وهنا أصل إلى كلمة مهمة وهي الأمل.. إذا وصلت إلى مرحلة شعرت فيها أنه لا أمل لدي في الحياة الكريمة كإنسان هل عندئذ أفضل الموت؟ أتذكر حوارًا مع أخي منذ سنوات عدة، عن معاناة أمي، رحمة الله عليها، من الزاهيمر، قلت له إن موتها سيكون رحمة لها، وإنني من حبي لها أرغب في رحيلها، ولكن أخي بفلسفته وروحانيته وجماله اختلف معي واستفاض في الدور الإيجابي الذي تلعبه أمي في لم شمل ما تبقى من الأسرة، وكم هي تمر بلحظات تحتوي على سعادة تشابه سعادة وبراءة الأطفال. حتى في سنواتها الأخيرة ومعاناتها من ذلك المرض القاسي اللعين وبلا إرادة منها تمتعت أمي بفترات سعادة وعطاء، كيف إذًا أتوصل إلى فقدان الأمل؟ الزاهيمر يسرق جوهر الإنسان من جسده، ما أقساه ولكن القدرة على العطاء استمرت.
تحدثت عن نفسي لأنني لست بطبيب نفسي أو متخصص في علم النفس وطريقتي في معالجة موضوع تزايد الانتحار ما هي إلا انعكاس لأفكاري أنا على الموضوع. فقدان الأمل في سعادة الذات بالأساس هي السبب الذي يجعل الإنسان يصل إلى قرار الانتحار، الشعور بألم عميق والوصول إلى قناعة بأن المعاناة لن تنتهي يومًا، ربما عند البعض يوجد عامل آخر، هو انعدام الأمل في القدرة على العطاء وسعادة الآخرين. ولكني أكتب اليوم أفكاري عن الانتحار كرجل في منتصف الخمسينات من عمري، كيف أتفهم عقلية الشابة العشرينية التي شنقت نفسها أو الشاب الذي ألقى بنفسه أمام المترو؟ اعتقادي أن الوصول إلى مرحلة فقدان الأمل في السعادة المستقبلية أو استمرار المعاناة هو واحد، الفارق الأساسي هو أنه عند مواجهتي لمرحلة العجز والمرض في الشيخوخة والكبر احتمال صوابي المطلق أكبر من احتمال صواب من هم في العشرينات في صراع مع آلام نفسية حادة، في كل الأحوال الانتحار ما هو إلا محاولة  لحل مشكلة الأمل المفقود. عندما أصل إلى مرحلة مواجهة مرض مثل الزاهيمر، قد أكون محقًا في فقدان الأمل ولكن الانتحار حل نهائي لمشكلة مرحلية، تحليلي للمشكلة على مشارف كبر السن وثمن الخطأ يختلف تمامًا وأعتقد أن تلك نقطة البداية في التعامل مع الظاهرة المحزنة التي نراها أمامنا. هل استحالة الضحك والسعادة حقيقة فعلية ونهائية أم أن هنالك أملاً حتي من خلال شبورة الزاهيمر الكثيفة؟
الثورة الاجتماعية ومحاولات إحباطها تقدم لنا سببًا أكبر في فقدان الأمل علي مستوي المايكرو، على مستوى الإنسان ذاته، أسرته، أصدقائه، مكان عمله، أو حتى بطالته، الأمل في السعادة والعطاء يتعلق أكثر برفض الأصدقاء لخلع الحجاب أكثر من وجود قانون التظاهر أو عدمه، الفشل في مشروع ما أو علاقة مع حبيب تفقد الأمل في الحياة أكثر من براءة حسني مبارك أو أحكام الإعدام الجماعية. فقد القدرة للحصول على عمل يحترم الكبير الصغير فيه كإنسان تفقد الشاب المكافح الأمل في النجاح أكثر من إخلاء الشريط الحدودي مع غزة. دعنا نبتعد عن الماكرو ونتذكر أن المايكرو هو ما يسيطر على وجدان من يفكر في الانتحار. الثورة الاجتماعية أيقظت أحلامًا كبيرة ورفضت الإجابات المألوفة لكل المشكلات، ثورة حقيقية تسيل فيها الدماء، أحدثت تغييرًا شاملًا في نظرة الشباب لكل شيء.
كيف نتدخل.. كما نعلم الانتحار حل نهائي لمشكلة قد تكون مؤقتة، وهنا مربط الفرس. كيف نساعد شابًا في السادسة عشر من عمره أو شابة في الثلاثينات أو رجل في الأربعينات في اتخاذ قرارهم بالانتحار أو العدول عنه، السؤال الحقيقي هو: كيف نساعدهم في العثور على الأمل؟.. الأمل في نهاية للمعاناة، الأمل في السعادة، القدرة على العطاء؟ أعتقد أن الأسلوب الديني لا يجدي مع إنسان يفكر جديًّا في الانتحار؛ لأن لكل منا قناعته الدينية وقناعتك الدينية أن الانتحار كفر لن تدخل في حساب الآخرين، وصول إنسان إلى مرحلة التفكير في الانتحار تعني أنه عبر تلك المرحلة. أعتقد أيضا أن التهديد بتعاسة الآخرين على مثال أن انتحارك سيدمر أهلك أو أصحابك قد يؤدي إلى نتيجة عكسية ويزيد من الألم وإحساس الإنسان بالفشل ورغبته في الخلاص، من العبث أن نحمل من يريد الفرار من الآلام ذنوبًا وآلامًا إضافية. أعلم تمامًا أنني لو يومًا علمت أنني على مشارف مرض مثل الزهايمر سأتذكر كلمات أخي الإيجابية عن قدرتي على العطاء ولن أفكر في أن انتحاري سيحزن الآخرين أم لا؛ لأن قناعتي عندئذ ستكون أن حياتي تجلب تعاسة للآخرين وحزن يوم ولا كل يوم.
يتحتم علينا مواجهة الموضوع بطريقة عقلانية تحترم تفكير ومشاعر من يفكر فى الانتحار، وأن نعاونهم على الوصول بتفكيرهم هم إلى استنتاج آخر عن قابليتهم للوصول إلى أمل في السعادة والعطاء، وأن الانتحار هو حل غير قابل للتعديل، حل نهائي لا يعطي فرصة أخري لحل أفضل ولا رجوع منه إذا تغيرت الظروف والأوقات. يتحتم علينا أيضًا قبول أن الموضوع معقد وشائك للغاية، وأن نتدخل إذا كنا فعلًا قادرون على احترام الشباب البائس أمامنا من دون افتراض صحة موقفنا وأفكارنا وأن نتذكر أن هنالك العديد من حالات الاكتئاب المزمنة والصدمات النفسية والعصبية التي تتطلب تدخلاً من متخصصي الصحة النفسية. دعنا أيضًا نتذكر دورنا الحقيقي في الوقوف مع أو ضد الثورة الاجتماعية التي تعيشها مصر، ربما نكون نحن بمواقفنا طرفًا مباشرًا في الظاهرة التي نراها أمام أعيننا.

first appeared in Mada Masr

Tuesday, May 20, 2014

ما بعد الثورة

الأغلبية العظمي من الناس ترغب في الأمان و الاستقرار، ربما كانوا مخدوعين، بس حقهم و لا انا و لا انت أوصياء عليهم! 

منذ اواخر ايام مبارك و الدولة في انهيار و احترام السلطة بفسادها غير موجود و لكن  الآن الصورة تغيرت برغبة الأغلبية من الشعب او حتي على الأقل برغبة أقلية كبيرة و ومؤثرة،  و هذه حقيقة واضحة أمامنا.

احتكار الدولة للعنف كأداة امر طبيعي في كل دول العالم،  و لكن هذا الاحتكار سقط اخر ايام مبارك و ايام المجلس العسكري و معارك محمد محمود و مجلس الوزراء و أوضح  مرسي برغبته في اعادة احتكار الدولة للعنف، و لكن لم يتمكن لعدة أسباب. اليوم و بالتحديد منذ التفويض و فض رابعة و الدولة مصممة على انتزاع حقها في احتكار العنف. و كان حظر التجول  يمثل مرحلة انتقال في قدرة الدولة على فرض سلطتها.

قانون التظاهر غير دستوري و لكنه و لايزال قانون و الدولة مصممة علي تطبيقه الي ان يتم تغييره او إسقاطه من قبل المحكمة الدستورية. 
الثورة و الموجة الثورية انتهت تماما، حقيقةً  تحققت بعض المكاسب و لكن، كثورة تسعي الي قيام نظام جديد، فشلت، و كان لهذا الفشل العديد من الأسباب، أهمها ميوعة أهداف الثورة،  و هذا ما سمح لأكبر رجعية على الساحة باعتلائها وتصدرها، جماعة السمع و الطاعة و من كانو يغنون : يا بديع يا بديع انت تأمر و احنا نطيع! 

 توافقنا كان في المعارضة فقط و ليس في الإيجابية، فشلنا في الالتفاف حول البرادعي لانه لم يكن يساريا بدرجة كافية و لم يكره اسرائيل و يرفض معاهدة السلام. 

كنا كمن يريدوا أن يذهب البواب ليحضر لهم طعام و لكن لم يتفقوا علي ما يريدون. و لا زلنا غير قادرين على الإتفاق.  ثورتنا سعدت بالمجلس العسكري و عصام شرف و محمد مرسي عند توليهم المسؤولية و لكن سرعان ما بدأت في رفضهم. الإيجابية و الاتفاق اصعب و النقد دائماً اسهل. 

انا ارفض التعذيب و الظلم و ارفض انتهاك حقوق الانسان و الإعدامات الجماعية و سجن النشطاء و لكننا فشلنا في بناء دولة جديدة فليس أمامنا الا الاعتماد على دولتنا بكل عيوبها في اعادة الأمن و الاستقرار الذي تطلبه الغالبية العظمي. 

مصر الان في مرحلة الإصلاح و الدعوة الى الإصلاح بالطرق القانونية المسموح بها فقط و التطاول علي هيبة الدولة يؤثر سلبيا علي الحرية المتاحة للجميع لان أنصار دولة مبارك يطمعون في الإطاحة بمكاسبنا المحدودة، فهم متربصون دائماً لاخطأنا.

هذه هي الحقيقة التي أراها أمامنا و رومانتيكية الثورة و النوستالجيا الي ايام التوافق الجميل و الأمل و العزة بمصريتنا هي الان ذكريات. هل نتقبل ان ثمن التغيير اعلي من ما السواد الأعظم من الشعب  على استعداد لتقديمه؟ هل نتقبل ان الغالبية العظمي تلوم الثوار على وصول الاخوان الى الحكم؟ ستقول لي الاعلام الشمولي و أبانا في المخابرات و ان كلها خطة، و نحن ضحية مؤامرات الخ  .. ممكن و لكن نحن اخطأنا و فشلت الثورة و الان المساهمة في الإصلاح او الهجرة او الصمت او الانتحار الجماعي، اختار!

أيمن عاشور 
21  مايو 2014 

Sunday, May 04, 2014

بلى نحن في الحقيقة وحيدون

منذ عامان كتبت بلوج عن ثورة ٢٥ يناير بعنوان  لست وحيدا او I'm Not Alone's of Egypt ظاهرة هامة، في نظري، و هي ان الثورة جعلتنا نرى ان هنالك المئات و الآلاف بل ربما الملايين الذين يشاركوننا الإيمان بالحرية و الديمقراطية و المساوة .. باختصار التقدمية. أعلم علم اليقين انني جزء من أقلية و لكن أحسست بفرح جامح لمقابلة اخرين يشاركوني في التوجة السياسي ... التوجة الإنساني في الحقيقة. 

كتبت عن تلك الظاهرة بعد فترة ليست بالقصيرة من اندلاع الثورة بعد ان كنت تمكنت من لقاء العديد من الأصدقاء بعد معرفتهم عن طريق تويتر. ظاهرة غريبة لم اري مثلها من قبل و العديد من أصدقائي يطلقون عليها نفس الاسم : أصدقاء الثورة .. كل منا له أسرته و أصدقاء من مدرسته و جامعته و عمله الخ و لكن للبعض لدينا نوع اخر من الأصدقاء .. أصدقاء الثورة ... قابلنا هؤلاء الأصدقاء عن طريق تواصل عقلي و عرفنا كيف يفكرون ... تكونت تلك الصداقة في فترة صحوة عقلية و عاطفية غير معتادة ... ولدت صداقة قوية و حميمة اكثر من ما يتوقع من قلة الوقت و اختلاف العمر و التجربة والتعليم … اختلاف التاريخ. اترك الكتابة لتعليل أسباب قوة العلاقات التي نشئت تحت مسمى أصدقاء الثورة لخبراء علم النفس و الاجتماع و لكن اشدد علي عمق الارتباط من الحب و المودة و الرغبة في اللقاء و التجمع و في نفس الوقت سطحية العلاقات على مستوى اخر. بعد اكثر من عامين من تكوين العديد من صداقات الثورة وجدت نفسي لا ادري من من أصدقائي و صديقاتي متزوج و من لا، من مسلم و من مسيحي، اذاو لم يكن الاسم واضح كأحمد او جورج. تكونت تلك الصداقات في عالم جديد .. عالم سمح لنا بإعادة تعريف أنفسنا لتقترب اكثر لما نعتقد و نفكر، متحررين من خلفياتنا و احمالنا الاجتماعية و المهنية  و ربما كان هذا ما  جعل تلك الصداقات أقوي و امتن.

انظر حولي اليوم و اجد حالة من البأس و الحزن الجماعي تحوم على الغالبية العظمي من أصدقائي و أصدقاء أصدقائي. صديقي ... و بالأصح واحد من أصدقاء الثورة .. رحل عن عالمنا، ذهب الي سبيله و تركنا خلفه في حالة من الحزن مساوية للحزن علي فقدان اقرب الأقارب ... اجد نفسي مرة اخري أفكر في ظاهرة غير واضحة الأسباب أمامي ... الصداقة العميقة و الفرح الجام بها و الان الحزن العارم... ماذا حدث؟

صديقي الذي انتزع منا كان من أفضلنا في التعبير عن واقعنا  وعن أحلامنا، كان يصغرني بأكثر من اثنتين وعشرين عاما و لكن أينما تواصلنا في لقاء مباشر او عن طريق الانترنت وجدته اكثر من الند فكريا و كثيراً ما تكونت آرائي عن احداث بعينها بعد قراءة ما كتب هو. لم أكن اعلم من هو و صيته و شعبيته المنتشرة  و من تواضعه الشديد اعتقدت قبل مقابلته انه شاب بسيط من أسرة متواضعة و كان تواضعه جزء هام من شخصيته و شعبيته العارمة.

الان و بعد مرور اكثر من ثلاثة سنوات علي ٢٥ يناير، اجد العديد من أصدقائي  رافضين الاعتراف بفشل الثورة وفقدان مثاليتها، بل و فقدان التاييد لها.  رحيل حبيبنا و صديقنا يحدث فراغ في قناعة الكثير منا،  فلقد كان صديقنا جزء من الأمل و كنا نتعلق بكلامه و إيجابيته و لكنه غادر عالمنا و مرة اخرى نشعر بالوحدة ، نشعر بفقدان جزء منا.. من حلمنا. الكثير منا، في الحقيقة، يبكي على نفسه. 

دشن البعض من الاصدقاء حملة و هاش تاج بمعنى ماذا قد كان باسم صبري فعل في مثل هذا الوقت … اعتقد انه كان سيفكر بعمق و يكتب نتاج تفكيره  و يترك للقارئ بريق من الامل .. و الامل هنا هو في معرفة انفسنا فمنها نبدا حلول مشاكلنا. 

اتذكر شعر الخنساء في رثاء أخيها صخر كما لو كانت في رثاء باسم صبري

ألا تبكيانِ الجريءَ الجميلَ ... ألا تبكيانِ الفتى السَّيدا

طويلَ النِّجادِ رفيعَ العمادِ ... سادَ عشيرتهُ أمردا

إذا القومُ مدُّوا بأيديهمِ ... إلى المجدِ مدَّ إليهِ يدا

فنالَ الذي فوقَ أيديهمُ ... من المجدِ ثم مضى مُسعدا

يُكلِّفه القومُ ما عالهُمْ ... وإن كان أصغَرهُم مولِدا


الله يرحمك يا باسم و يساعد اسرتك و اصحابك و مصر و الانسانية على الاستمرار و الصبر على فراقك و الوحدة و معرفة حقيقة انفسنا 

أيمن عاشور 
٣ مايو ٢٠١٤




Sunday, February 23, 2014

لماذا فشلت ثورة يناير

اعتقد ان ما اكتبه هنا سوف يغضب العديد من أصدقائي الثوريين الذين أعطوا الكثير لثورة ٢٥ يناير وارتبطوا بمعانيها و أحداثها. أبدء  تحليلي لما أراه الان في مصر بالعودة الي شعار الثورة: عيش .. حرية .. عدالة اجتماعية .. كرامة إنسانية .. شعار توافقي جميل يبدأ بكلمة عيش لانها كلمة بسيطة و جميلة و الموافقة عليها مضمونة .. كلمة ستجذب الفقراء و كل من يناضل للحصول على لقمة العيش ... كم من مرة حاولت ان أترجم عمق كلمة عيش للغة الانجليزية .. عيش من عاش أقوى من خبز .. العيش هو الحياة .. من لايؤمن بكلمة عيش ... من المؤكد ان كبار عتاولة نظام مبارك لا يعارضوا في كلمة عيش و من الطبيعي ان الاخوان و الحركات الاسلامية تؤيد شعار كذلك ... نترك كلمة حرية و نصل الي عدالة اجتماعية، ما هي بالضبط؟ هل هي اشتراكية و اعادة توزيع الثروات ام هي مساعدة الغني للفقير، من يعترض على كلمة عدالة اجتماعية؟ الاخوان المسلمون بمفهومهم الرأسمالي يؤمنون بها و كذلك الحزب الوطني و أقطابه. 


كلمات مثل الديمقراطية و المساوة كانت غائبة من شعارات الثورة ...لماذا تركنا ما نريده حقيقة و هو فعلا نظام ديمقراطي يكفل حقوق الانسان و ذهبنا الى شعارات مطاطية ؟؟ الإجابة واضحة وهي ان ما يسمي بالحركات الثورية قامت بحساب سياسي و اختارت شعارات يستجيب اليها الشعب و لا تغضب الحركات الاسلامية .. و من هنا كانت بداية فشل و إجهاض الثورة على أيدي من قام بها. دعنا نعود بذاكرتنا الي اليوم الثامن عشر من الثورة، يوم تنحي مبارك عن السلطة و دعنا نفترض ان الثورة التي أطاحت بمبارك كان شعارها حرية ديمقراطية مساوة ... لا اعتقد ان مشاركة الحركات الاسلامية تحت شعار الديمقراطية و المساوة كانت ممكنة و ربما ان الإطاحة بمبارك قد تكون مستحيلة دون مشاركة الاسلام السياسي ... اذا فان تلك النقطة التي يجب انت نتوقف أمامها .. هل ضحيت الثورة بمبادئها حتى تتخلص من مبارك و تحالفت مع الرجعية الدينية للتخلص منه ثم عادت و تحالفت مع الرجعية السياسية العقيمة للتخلص من الاخوان؟

اليوم نجني ثمار الشعارات المطاطية ... اليوم نجني نتيجة عيش حرية عدالة اجتماعية ... دعنا نقول ما نريده بصراحة و تكون الثورة ثورة علي الكذب و المراوغة ... نريد ديمقراطية و حقوق إنسان و مساوة و حرية .. و بهم سنحصل على ما نتوافق عليه من عدالة اجتماعية و طبعا عيش .....

ايمن عاشور
٢٣فبراير ٢٠١٤