Showing posts with label امريكا. Show all posts
Showing posts with label امريكا. Show all posts

Friday, September 25, 2015

الهجرة .. بين الحلم و الكابوس

الهجرة و الخروج من مصر هم الحلم الكبير لملايين او على الاقل مئات الالاف من شباب مصر. الاسباب في الرغبة في الهجرة من قرأتي على الفيسبوك و من حواري مع العديد من الأصدقاء متباينة و لكنها تنحصر في واحد او اكثر من الاسباب الآتية: 

١. الوضع الاقتصادي و صعوبة الحصول على عمل مناسب و القدرة على تحقيق طموحات مادية 

٢. مناخ القمع و الحريات السياسية و الديمقراطية المفقودة.

٣. العلاقة مع المجتمع و الرغبة في البعد عن عادات و تقاليد المجتمع و ايضا ما يراه البعض من تخلف اجتماعي و أمراض متفشية في المجتمع. 

٤. الرغبة في الحصول على جنسية اخري. جواز سفر اجنبي يسهل الحركة و السفر و يعطينا نوع من التأمين على المستقبل

ربما يكون للبعض اسباب اخرى و لكني اعتقد ان دواعي الغالبية العظمى للهجرة تنحصر في الاسباب اعلاه. 

الهجرة تختلف عن العمل بالخارج لعدة سنوات لتحقيق أهداف اقتصادية معينة مثل شراء شقة أو سيارة او تأمين المستقبل. في تلك الحالات يري الانسان نفسه في مصر و يبني حياته في مصر و لكنه لا يسعي الى ترك مصر. السفر للخارج مؤقت لأغراض أساسا مادية. لن أتعرض للسفر الموقت لبلاد الخليج و غيرها. و هنا أبدء بأول النقاط التى اريد ان اتعرض لها و هي وضوح الهدف و قبول فكرة ان الأهداف تتغير مع الوقت. 

عندما تحصل على الجنسية الامريكية و تقسم الولاء للولايات المتحدة فأنت قانونا تتمتع بالعديد من المزايا كمواطن أمريكي و لكن عليك ايضا العديد من المسؤوليات. و حتى في الدول التي لا تستخدم قسم الولاء هنالك قبول ضمني بمسؤوليات المواطنة. في امريكا ستجد نفسك و اولادك معرضين للتجنيد الإجباري في حالة حرب ( حتى قبل الحصول على الجنسية) و ستجد نفسك كأمريكي مسؤول عن ماضي امريكا. كما تتمتع اليوم بمزايا امريكا فأنت ايضا مسؤول عن جرائمها التاريخية و محاولة الدولة و المجتمع تصحيح اخطاء الماضي. الكذب في امريكا جريمة و ليست مجرد جنحة يعاقب عليها القانون. 

قبل ان تترك مصر للهجرة لأسباب سياسية او اجتماعية عليك ان تدرس الوضع السياسي و الاجتماعي في مقصدك. كثيرا ما اسمع "انا عايز اطفش من هنا و خلاص" و غالبا تكون تلك العبارة مؤشر للفشل. احيانا "اطفش من هنا" ما هي الا غضب من النفس و نحاول ان نجد شماعة خارجية له ، مصر ، الأهل، مشاكل عاطفية الخ. 

الكثير يعتقد انه سيكون قادر على انتقاء ما يريد من المجتمع حوله و الحفاظ على هويته و دينه و طريقة حياته بعد الهجرة. و لذا نجد الكثير من المصريين الذين هربوا قرفا من المجتمع المصري يحيطون أنفسهم بالمجتمع نفسه بعد الهجرة. المسجد او الكنيسة يصبح مركز أساسي للحياة الاجتماعية و بالذات مع وجود أطفال. قضيت ما يقرب من الأربعون عام خارج مصر و رأيت أمثلة عديدة هاجروا هربا من المجتمع المصري و سعيا للحريات المتاحة في امريكا يبذلون جهد عظيم لمحاربة الحريات حولهم و لإعادة خلق مجتمع مصري حولهم. 

قرات احصائية نشرت بعد سنتين او ثلاثة من ١١ سبتمبر ٢٠٠١ ان حالات المرض النفسي زادت كثيرا في شباب العرب و المسلمين الامريكين و فاقت المتوسط العام في امريكا. اعتقادي الشخصي ان هذا نتيجة الانفصام الذي يعيشه العديد من المهاجرين. يجد الصغار أنفسهم في مناخ غريب، الأب و الام الذين هاجروا الى امريكا ساخطون على المجتمع حولهم و لكن لا يرغبون في العودة الى بلدهم. و المساجد في امريكا عادة هي ملجا للمهاجرين الجدد، الغالبية العظمى من المتطوعين للتدريس و العاملين بالمساجد من حديثي القدوم و لذا ستجد اولادك يتعرضون الى منهج ديني ربما لا يناسبك ومختلف عن ما نشئت انت عليه. رأيت حالات عديدة على مر السنين من الأبناء يتشبعون اسلام متشدد اعتبره انا شخصيا متطرف على عكس اهاليهم. 

مع وصول الأبناء الى سن المراهقة يبدء التحدي الكبير و الكوارث المحتملة في نظر البعض. ابنة الثالثة عشر الواقعة في غرام صديق و ال crush و ابنة الخامسة العشر التي تعلن ان لديها بويفرند و الابن الذي يشهر مثليته و هنا تبدء الأسر التي هاجرت الى الغرب العودة الي الشرق لتجنب وقوع كوارث أسرية. في مصر، الضرب و الحرمان من الخروج هي وسائل التعامل مع تلك المشاكل و لكن الغرب و حرياته المنشودة يعطي الطفل و المراهق حقوق لا توجد في مصر. رأيت بيعني الابنة التي أعلنت لأسرتها انها حامل و هي في ما يقابل الثانوية العامة و رأيت الابن الداعشي الذي ألقي القبض عليه بعد ان وقع في مصيدة خبيثة نصبتها له الاف بي اي و كذلك رأيت الشاب المثلي الذي جهر بمثليته و اصبح ناشط من سن صغير و كل تلك الأمثلة من أسر محافظة تقليدية. اتذكر صديقي القبطي المصري و كان من النشطاء الاقباط الذين هاجموا الاسلام و المسلمين بعنف و شراسة بعد ال ٩/١١ و رغم ان معاملاته الشخصية معي و مجاملته لي في الأعياد كان غاية في الذوق و الجمال الا انه كان فعلا متطرف، حصلت ابنته على بكالوريوس حقوق في جامعة أمريكية كبري و أصبحت محامية حقوق إنسان تدافع بالأخص عن المسلمين. 

لا احاول اثناء اي إنسان عن تحقيق حلمه و ما يسعى اليه و لكن رسالتي هي الاتي: أتقبل تماما أسبابك للرغبة في ترك مصر و لكن عليك ايضا ان تدرس بعمق و صدق مع النفس البلد الذي تريد الهجرة اليه. انت على وشك اتخاذ قرار مصيري و لا يمكن ان تبني قرارك فقط على ما تكره و ما تريد ان تتجنب، يتعين عليك ان تقرر اذا كان المجتمع الغربي و الحريات في الغرب هو ما تريد حقا. الحفاظ على تقاليدك و دينك ممكن و له ثمن كبير و لكن الحفاظ على التقاليد و الدين مع اولادك و اولادهم غاية في الصعوبة و انظر الى المهاجرين من الدول المختلفة عبر التاريخ العادات و التقاليد تتلاشى و العلاقات مع  الأهل تضعف ثم تنتهي. 

اذا كانت رغبتك الهجرة الموقتة لأغراض اقتصادية او للحصول على جواز سفر يجب ان تكون واضح مع نفسك و ان تدرس الثمن الذي ستدفعه بوضوح و بشفافية مع نفسك. 

سمعت من الممثل البريطاني مايكل كاين في حوار في أوائل الثمانينات جملة أعيش بها حياتي الي يومنا هذا " عندما اجد نفسي على فراش الموت و انظر الي حياتي لن احزن انني فشلت في شيي ما و لكن ندمي و حزني الأكبر سيكون على ما لم افعل" 

أيمن سعيد عاشور 

Saturday, January 10, 2015

انا شارلي

لن اتحدث عن رأيي في رسومات كارتون شارلي لان محتوى المجلة لا يهمني. لست مرغم على شراءها او التطلع الي موقعها علي الانترنت فهي و محتواها امر لا يعنيني. لا يعنيني ما تقول مجلة ساخرة علي ديني، دعهم يسخرون حتى كفايتهم و اكثر، ديني و عقائدي لا تتاثر بمثل تلك الرسومات. رسوماتهم لا تغضبني على الإطلاق، رد فعلي الوحيد لها هو اللامبالة. ديني و عقيدتي لا يشوهم شارلي و لكن من يشوهم هم الارهابيون الذين ارتكبوا المذبحة في باريس و المهللون لهم و المدافعون عنهم، هؤلاء هم من يشوهون ديني و يغضبونني. 

عندما قامت حملة إعلانات مسيئة للمسلمين في مترو نيويورك كان لدي شعور مختلف تماما، و قامت المصرية الامريكية الشجاعة منى الطحاوي برش لوحات الدعاية المسيئة بدهان باللون البمبي و خالفت القانون و ألقي القبض عليها. مترو نيويورك مرفق عام يتحتم علي الآلاف من المسلمين يوميا استعماله و المرور امام تلك اللوحات الحقيرة. لا مفر و لا اختيار و لا طريقة لتجنب روؤية تلك اللوحات و هنا تتعارض حقوق التعبير في حقي ان لا اتعرض لتلك الاهانات. و كان اختيار منى الطحاوي للدهان البمبي نوع من السخرية باستعمال لون يرمز الي الحركات النسوية، لون يبعد عن اي رمز للعنف.  و ووقفت وحيدة امام سلطة القانون و الشرطة بحقيبة يدها الأنيقة و زجاجة الدهان البمبي لتعلن المعارضة و العصيان المدني للقانون و لإدارة المترو و كل من سمح بعرض الإعلانات. العنصرية و الكراهية لم تنتهي في امريكا و خاضت الطحاوي صراعا في المحاكم  و ظلت على موقفها الصلب. الآلاف من الأمريكيين من غير المسلمين تضامنوا مع الطهاوي، و العديد منهم شارك في حملات العصيان المدني ضد الدعاية المسيئة، المعركة مستمرة و لكن أعطت منى الطهاوي مثال عظيم في مجابهة الاساءة.

نترك فرنسا و الولايات المتحدة و ننظر الي ما يسمى بازدراء الأديان في مصر .. و الأديان في مصر تعني فقط الاسلام السني الأزهري و المسيحية الأورثوذكسية القبطية. ازدراء الشيعة و البهائية مكفول قانونا و ازدراء اليهود و الإشارة لهم بالأنجاس و الخنازير نطالعه يوميا رغم ان اليهودية مشمولة في قوانين ازدراء الأديان. و لكني ساكتفي الان  بالحديث عن الاسلام السني المصري و المسيحية القبطية الأورثوذكسية. المسيحية تعتمد بالأساس علي ما يسمى بالخلاص، من يؤمن بصلب المسيح و معاناته من اجل البشرية سيشمله الرب برعاية و محبة و مغفرة. كل كلمة في الجملة السابقة مرفوضة في الاسلام تماما. تصور المسيحية لدي المسلمين في مصر هو لدين اخر يختلف تماما عن ما يؤمن به المسيحيون ... الا يعد ذلك نوع من عدم الاحترام للاخر و ربما نوع من الازدراء؟ "لا ما اتصلبش خالص و الإنجيل متحور" الا تعد تلك الجملة ازدراء للعقيدة المسيحية كما يؤمن بها المسيحيون؟  كذلك المسيحيون لا يؤمنون برسالة محمد و لا الاسلام و حتي من يتقبل منهم نبوية محمد يعني بكلمة نبي رجل صالح او مبارك و ليس رسول من الله. الإيمان باي من العقيدتين يشمل ضمنيا رفض الآخري ... هل هنالك ازدراء في الرفض؟ 

نعود الي الغرب بشكل عام و فرنسا بوجه خاص، ونلقي نظرة على عقيدة اخرى مختلفة عن الاسلام و المسيحية، عقيدة علمانية الدولة و القانون. نجد الإيمان بتلك العقيدة إيمان حقيقي و عميق، فها هو رسّام مجلة شارلي يعلن انه كان مستعد ان يدفع بحياته ثمن الدفاع عن حريته في التعبير و السخرية من الأديان. نجد أمامنا عدة عقائد كل منها في الحقيقة رافضا للاخر تماما. و هنا نصل الي فكرة حتمية التعايش مع الاختلاف و قبول الاخر.  المساجد في فرنسا و دروس الدين تتحدث عن الكافرين و الملحدين بازدراء، الا يحق لهم الحديث في محافلهم الخاصة عن المسيحين و المسلمين و رفضهم لمبادئهم. كيف نطلب من الأغلبية الفرنسية الغير مسلمة السماح للإسلام بازدراء و رفض الأديان الآخري و لا نعطي نفس الحق للاغلبية. 

العديد من المسلمين الذين شجبوا المذبحة الإرهابية رفضوا المشاركة في حملة "انا شارلي" التي قامت للتضامن مع ضحايا مجلة شارلي، رفضوا لأنهم يرفضون محتوي المجلة، منهم من يرفض حقها في النشر و منهم من يقبل حقها في النشر و لكن في الحالتين رفضوا ان يقولوا "انا شارلي". هذا الرفض هو رفض لحرية العقيدة و لحرية كل عقيدة في رفض العقائد الآخري و التعبير عن نفسها. عندما ارفض شارلي فأنا ايضا ارفض حقي في ان اقول ان المسيح لم يصلب و انه لم يظهر لبولس و اني ارفض فكرة الخلاص. 

"انا شارلي" لأَنِّي ارغب في الحفاظ على عقيدتي كما أراها انا و في حقي انا في رفض العقائد الآخري. "انا شارلي" لأَنِّي مع الحق في التعبير و حقي في تجاهل و عدم المشاركة في تعبير ارفضه. "انا شارلي" لان شارلي له الحق يقول ما شاء في مجلاته الخاصة و لدي انا الحق ان اعتقد ما اريد و اقول ما اريد في مسجدي. "انا شارلي" لان عقيدتي انا ان رسامي شارلي و شجاعتهم  و وقوفهم مع المظلوم اقرب لعقيدتي من السفاحين القتلة. 


ايمن سعيد عاشور

first appeared on Mada Masr 

Thursday, December 25, 2014

تقرير مجلس الشيوخ الامريكي عن التعذيب

ما هي أهمية التقرير و ما يعني لامريكا كدولة تتدعي انها دولة قانون تقدس حقوق الانسان و تعطي لنفسها حق تقديم النصح لدول العالم؟ قرأت عدة مقالات و تعليقات في الصحف المصرية تدور حول النقاط التالية:

- امريكا تتدعي كذبا احترام حقوق الانسان و تتدخل في شؤون الدول المختلفة بحجة حقوق الانسان و مشاكلها من التعذيب الي تعدي الشرطة على السود تفقدها الحق في توجيه النقد للغير.
- امريكا اثبتت لنا ان استعمال التعذيب و العنف المفرط و عدم اتباع القانون في فترات الأزمات و مكافحة الاٍرهاب أمر طبيعي و مقبول.  

و لكن قرأتي و انطباعي كمصري أمريكي بعد قراءة التقرير كانت مختلفة عن رد الفعل أعلاه ، طبعا كان لدي شعور بالغضب و التقزز من الاستعمال الموسع و المنهجي للتعذيب و انتهاكات حقوق الانسان و لكن هذا الجزء لم يحتوي علي جديد، فضائح التعذيب و تسريبات أبو غريب و قصص جوانتنامو كانت جزء أساسي من إنهيار منهج المحافظين الجدد و إدارة الرئيس بوش. أتذكر ايضا قرأتي لكتاب عن  الامريكي السوري الذي اعتقل بعد إعصار كاترينا في مدينة نيو أورليانز و كيف تحول هذا الامريكي المسلم الشجاع الذي ظل في مدينته للحفاظ على بيته و عمله.  عبد الرحمن زيتون كان يقدم المساعدة لكل من قابل بعد الإعصار حتى الكلاب التي هرب أصحابها و تركوهم كان يحضر لهم الطعام يوميا، تحول ذلك الانسان النبيل الي ارهابي مشتبه فيه، قرات عن معاناته في سجن أشبه بجوانتنامو داخل الاراضي الامريكية نفسها. التقرير لم يحتوي علي الجديد ليصدمني، و لكن نشر التقرير زاد من تقديري لامريكا كنظام و دولة قادرة علي مواجهة مشاكلها بشفافية، قادرة علي فتح جروح عميقة و تطهيرها، سأتحدث عن موضوع العقاب لاحقا و ايضا عن مازال يقلقني و كيفية ضمان عدم تكرار ما حدث مرة اخرى في المستقبل.

نعود بالذاكرة الي فترة ما بعد كارثة ١١ سبتمبر ٢٠٠١، جريمة ارهابية قاسية، اعتداء غاشم علي ابرياء مدنيين لا ذنب و لا حيلة لهم. ذلك الحدث المأسوي أوقع إدارة بوش تحت قبضة ما يسمى باليمين المتشدد او المحافظين الجدد تحت قيادة نائب الرئيس الامريكي ريتشارد تشيني. الأحداث تعاقبت لعلاج مشاكل الاٍرهاب طبقا لعقيدة المحافظين الجدد: الاٍرهاب النابع من التيار الاسلامي المتشدد، في نظرهم، هو نتيجة عدم وجود مجتمع استهلاكي ديمقراطي  فبدلا من تركيز كل إنسان في نفسه و طموحاته كما يحدث في امريكا يقوم أهل الشرق الأوسط او العالم الاسلامي بتفريغ طاقتهم السلبية و فشلهم في تحسين ظروفهم في التحول الي التطرّف الديني و كراهية الغير بدا باليهود و اسرائيل الى القيام بعملية ١١ سبتمبر ٢٠٠١. الغاية بررت الوسيلة لتشيني و اتباعه، غزو العراق لبناء ديمقراطية حقيقية قادرة علي تقديم مثال للشرق الأوسط الجديد، تحالف أعمق مع اسرائيل كخط دفاع اول في المواجهة مع التطرّف الاسلامي، الي اخره كما شاهدنا في فترتي رئاسة بوش. الغاية تبرر الوسيلة كانت شعار المرحلة حتي في تطبيق القانون و هنا كان دور هام لمحامي البيت الأبيض و رجال القانون من المحافظين الجدد.

بوش، تشيني و رامسفلد و وولفويتز هي الأسماء التي سمعنا عنها مرارا عن تلك الفترة و لكن المسؤلية الكبري عن التعذيب تقع في الحقيقة مع أشخاص اقل شهرة و أهمهم چون يوو، رجل قانون غاية في الذكاء، أمريكي من أصل كوري، تلقى تعليمه في اعظم جامعات الولايات المتحدة و تعلم القانون تحت إشراف مشاهير القضاة و لكن جون يوو كان يميني متشدد، استغل عبقريته القانونية في تفسير القانون الدولي و الامريكي بطريقة سمحت لامريكا بتجاهل معاهدات چينيڤ الدولية لمعاملات اسرى الحرب. روؤية چون يوو للقانون الامريكي في فترة رئاسة كلينتون ان سلطات الرئيس محدودة للغاية فيما يتعلق بقدرته على الحفاظ على سرية منصبه في الامور الداخلية و لكنه كتب مقالات مؤيدا لكلينتون في التدخل الامريكي في سرابيا بدون طلب الموافقة من الكونجرس، يؤمن  يوو بان القانون و الدستور الامريكي يعطي الرئيس سلطات واسعة للغاية في شؤون الأمن القومي. آراء چون يوو كانت السبب الأساسي في تعيينه في إدارة بوش في ما يقابل وزارة العدل و هنا قام يوو بإصدار تفسيرات قانونية سمحت بممارسات التعذيب لحماية الأمن القومي الامريكي. واجهت تفسيرات يوو القانونية المعارضة من بعض رجال القانون في الجيش الامريكي و في وزارة العدل نفسها كما عارضها ايضا كولين باول وزير الخارجية عندئذ، و لكن تم اعتماد تفسيرات يوو من محامي البيت الأبيض و من وزير العدل وعُرفت تقارير بعد التسريبات التي فضحتها برسائل التعذيب او Torture Memos. چون يوو لم يكن محامي صغير او موظف بسيط يريد فقط رضاء كبار المسؤلين بل بالعكس،  فلقد كان أستاذ للقانون في جامعة من اهم جامعات امريكا و أشهرها و عند تعينه مساعد لوزير العدل كان رجل قانون ذو سمعة و صيت و نشر له العديد من الأبحاث القانونية و المقالات في اشهر صحف امريكا.

تاريخ الشعوب كلها مليئ بالاخطاء، بعضها تواجه اخطائها بصراحة و تتعلم منها كشعوب و دول و مؤسسات، للولايات المتحدة العديد من الأخطاء من التفرقة العنصرية ضد كل من هو ليس أوروبي بروتستانتي ابيض الي اعتقال أبناء امريكا من أصول يابانية اثناء الحرب العالمية الثانية الي فضائح المخابرات الامريكية في الخمسينات و الستينات و فضائح التجسس و التعذيب التي حدثت بعد ١١ سبتمبر ٢٠٠١. نجحت الولايات المتحدة في مواجهة تاريخها العنصري نجاح لا مثيل له في تاريخ الشعوب، قوانين حازمة لمكافحة التمييز و العنصرية، قوانين تعطي الافضلية لشركات مملوكة للاقليات، منظومة التعليم و الاعلام كلها تعمل بجدية للقضاء علي التمييز، هل هذا النجاح كامل ؟ طبعا لا و نسمع عن مشاكل و احداث و موت ابرياء و لكن هذا الفشل لا يقلل من الجهد الغير مسبوق تاريخيا في مكافحة التمييز شعبيا، قانونيا، اقتصاديا و حتى لغويا. و كذلك نري ماساة اعتقال اليابانيين الامريكين بناء علي قرار الرئيس روزفلت، تقدم الرئيس رونالد ريجان باعتذار مفصل و كامل للمعتقلين و ابنائهم و احفادهم. اتذكر انني، في أعقاب سبتمبر ٢٠٠١، كنت ألقي مجموعة من الخطب عن الاسلام و طبيعة حياة المسلمين في عدة مدارس  في مدينة بوسطن مع أمريكي ياباني قضي طفولته في معتقل مانذنار في ولاية كاليفورنيا، كنت اتحدث انا عن الاسلام كدين و هوية لمئات الملايين من البشر باختلافاتهم و وجود تسامح و تطرف، روحانية جميلة و عنف بغيض، و كانت رسالتي الاساسية ان وجود إرهابيون مسلمين لا يعني ان كل المسلمون إرهابيون.  و كان رفيقي الياباني الامريكي يتحدث عن حياته و اسرته في المعتقل لمدة تقارب الثلاث سنوات و نشاطه مع اخرين للحصول علي اعتذار رسمي من الادارة الامريكية. إعتراف أمريكا بالأخطاء في حق اليابانيين و مواجهة تلك الأخطاء كان سبب أساسي في كسر شوكة ردود الفعل ضد العرب و المسلميين. هل كانت ردود الفعل مقبولة؟ بالطبع لا و لكن مقارنة سريعة بأحداث مماثلة في العالم ترينا نجاح أمريكا تخطي أخطائها و النضج كحضارة و دولة، و كيف تتعلم الشعوب من اخطائها.

و الان ماذا عن تقرير مجلس الشيوخ الامريكي و التعذيب، دعنا نتذكر أن الرئيس اوباما بعد توليه منصبه بيومين قام بإلغاء التفسيرات القانونية التي وضعها چون يوو و استعملتها إدارة بوش، دعنا ايضا نتذكر ان محامي البيت الأبيض في فترة بوش الأولي ألبرتو جونزالس الذي تولي منصب المدعي العام او وزير العدل عام ٢٠٠٥ أرغم علي الاستقالة من منصبه في ٢٠٠٧ بعد تسريبات عن التعذيب و دوره في الموافقة على آراء يوو. كلا من جونزالس و يوو واجها تحديات قضائية من بعض ضحايا التعذيب و جهات حكومية و ادارية مختلفة. في الأيام القادمة و بعد نشر تقرير مجلس الشيوخ أتوقع ان تتزايد الضغوط علي الادارة الامريكية لمعاقبة يوو و اخرين. لقد قامت امريكا بمواجهة نفسها بالتفاصيل عن ما حدث بعد احداث سبتمبر و كيف سمحت الدولة لنفسها باسم الحماية من الاٍرهاب بالانهيار القانوني و الاخلاقي الذي أدي الي السماح بالتعذيب و التجسس. كشفت امريكا الفضيحة الحقيقية و هي التلاعب بالتفسيرات القانونية لتبرير وسائل غير قانونية. تقرير مجلس الشيوخ يساعدنا في الوصول الي حقيقة هامة وهي ان الأمن القومي يعزز بإحترام القانون و ليس بالتلاعب عليه و ان دور الرئيس و الادارة هو الحفاظ على الدستور أولا و قبل كل شي، الدستور، نعم الدستور و الحفاظ عليه اهم من الأمن القومي! و لكن بدون عقاب صارم هل يقدم تقرير مجلس الشيوخ الردع الكافي؟


من قاموا بالتعذيب قاموا به تحت ستار قانوني كامل و لا يمكن مسألتهم قانونيا كما حدث بعد فضيحة التعذيب في سجن ابو غريب فالعراق و التي حوكم فيها كل من كان له دور في التعذيب من أفراد الجيش الامريكي . الجريمة الحقيقية في فضيحة التعذيب لل سي اي ايه او وكالة الاستخبارات المركزية كانت في ما فعل يوو من إصدار التبريرات القانونية و من المسؤلين السياسيين في إدارة بوش الذين طلبوا التبريرات و اعتمدوها رسميا. ولذا اجد نفسيي كمواطن أمريكي غير مكتفي بتقرير مجلس الشيوخ و اشعر بالقلق ان يوما ما يعود المحافظون الجدد الى الادارة الامريكية و يقوم چون يوو جديد بإصدار تبريرات مماثلة. أريد ان أري ضمان للشفافية في المستقبل ، اريد ان ارى قوانين صارمة تعتبر إصدار تفسيرات قانونية من هذا النوع بدون نشر واسع او مراقبة برلمانية جريمة، اريد ان ارى ضمانات قانونية تحمي من يعترض على العمل بمثل تلك التفسيرات اذا كانت ضد روح القانون و قيم حقوق الانسان. اعلم تماما ان  الولايات المتحدة كدولة عظمي تتحمل مسؤلية ضخمة، و لذا يتحتم على إدارة اوباما ان لا تتقاعس عن العمل مع الكونجرس في الوصول الى حل يضمن احترام إنسانية المعتقل او المسجون سواء كان داخل أراضي الولايات المتحدة او خارجها، أمريكي الجنسية او اجنبي، يتبع جيش نظامي او عضو في جماعة ارهابية او حتي سفاح فرديي. قيم امريكا و ما تتدعي انها تمثله لن تنتصر بممارسة أساليب چوزيف ستالين او أساليب داعش. خطورة ما حدث تكمن في صعوبة المسائلة القانونية لاي من الاطراف و لا يزال يوو يجادل في صواب ارائه البشعة و هنا جوهر ما يقلقني.


نعود الان و ننظر الي القراءة المصرية لتقرير مجلس الشيوخ، هل فعلا فقدت الولايات المتحدة الحق في انتقاد الغير؟ بالطبع لا، فها هي تبحث في فضائحها و تنشرها، ها هي لجنة تقصي الحقائق في مجلس الشيوخ تبحث و ستقصي و تعلن للعالم كله الفضيحة بتفاصيلها و تتناول طرق التعذيب المختلفة و حتى عدد المرات التي استخدمت فيها. هل اثبتت امريكا ان العنف المفرط و التحايل علي القانون امر مقبول لحماية المواطنين؟ بالعكس تماما، تقرير مجلس الشيوخ تطرق الي عدم جدوى التعذيب كوسيلة استخبارية و لكن الأهم من هذا هو ما أثبتته إدارة اوباما في قدرتها علي ملاحقة و قتل اسامة بن لأدن وحماية شعبها بدون استخدام تلك الوسائل الحقيرة. و كذلك نقراء الان عن كيف ساهم تعذيب ابو غريب في خلق ارهاب داعش الفظيع.


الشفافية و العلانية في امريكا تعطي الفرصة لمن يريد ان يبرر اي جريمة بقول ان ذلك يحدث في امريكا و لكني اختلف بشدة مع هذا الرأي، اوافق تماما ان المجتمع الامريكي يعاني من العنصرية و التمييز،  و لكن دعنا نتذكر ان الولايات المتحدة مرت بحرب أهلية مريرة قبل ان تتمكن من تحرير العبيد و دعنا ايضا نتذكر ان القانون في كاليفورنيا مثال الحرية و التقدم في امريكا لم يسمح بزواج ياباني من ابيض في أوائل القرن الماضي، العنصرية الممنهجة لازالت تعني ان الأطفال السود في اغلب الأحوال يحصلون علي قدر اقل من الرعاية الصحية و التعليم من المجتمع ككل، المشاكل موجودة و لكن هنالك باستمرار سعي دائم لاقرار قوانين تحارب العنصرية و التمييز و لكن المجتمع لازال يعاني من العنصرية، نجد ان في بعض الأحوال تطبيق القانون بحذافيره لا يصل بنا لإنهاء التمييز و هنا نرى فائدة الشفافية و العلانية و نجد تطبيق عقوبات اقتصادية من المجتمع ذاته على من يقوم بالتمييز و ضغوط لتغيير القوانين للوصول الى الهدف و هو بلا جدال هدف سامي و هو التخلص النهائي من العنصرية و التمييز. لن تصل الولايات المتحدة لهذا الهدف في حياتي و لكنها تقترب اليه كل يوم. دعنا نتذكر ان الولايات المتحدة انتخبت باراك حسين اوباما رئيساً مرتين حتى نكون منصفين في حكمنا علي تقدم المجتمع و قدرته على معالجة مشاكله.


كمصري كم أودّ ان نسمح لانفسنا ببعض من التواضع الحقيقي، و كم أودّ  ان اسمع يوما عن لجنة تقصي حقائق عن احداث تاريخية حتى نتعلم كشعب و نتعلم كدولة من اخطائنا، هل قمنا بتقصي حقائق حرب اليمن او نكسة ١٩٦٧ او الثغرة التي عقبت انتصارنا في حرب أكتوبر ١٩٧٣؟ لا لم نفعل  و اذا فعلنا لم ننشر فهل تعلمنا؟  ..  هل قمنا بتقصي الحقائق عن استخدام التعذيب و العنف الجنسي ضد المسجونين السياسين منذ عهد عبد الناصر؟ ماذا تعلمنا كأمة و كدولة من حركة التأميمات في الستينات؟  و ماذا عن اعتقال ما يزيد عن ألفين يهودي مصري بعد حرب ١٩٦٧ ؟ هل كان هذا خطا يجب ان نعتذر عنه؟ و الان تواجه مصر حرب شرسة ضد الاٍرهاب و هي حرب أشد خطورة من حرب امريكا ضد الاٍرهاب، هل هنالك ما نتعلمه من تقرير مجلس الشيوخ الامريكي؟ بلا جدال اعتقد ان امريكا قدمت للعالم كله مثال واضح للشفافية و الاعتراف بوجود فشل و مشاكل و انا لا اعرف طريقة لحل اي مشكلة لا تبدأ بالصراحة مع النفس.


ايمن سعيد عاشور

first appeared on Mada Masr 

Thursday, August 21, 2014

مصر تنتقد امريكا

ملاحظات سريعة علي انتقاد وزارة الخارجية المصرية للولايات المتحدة:

- ولاية ميزوري جمهورية لها دستورها و علمها و حاكمها و قانونها و لها برلمان خاص بها بمجلسيه نواب و شيوخ. 

- الولايات المتحدة تقوم على النظام الفيدرالي و الادارة الامريكية و أوباما لا يوجد لديهم اي سلطة على الشرطة في الولايات المختلفة 

- اللامركزية في امريكا تعني ان شرطة مدينة فيرجسون جزء من نظام حكم المدينة المنتخب و كذلك شرطة المحافظة county و الولاية state. و تخضع كل هذه الأجهزة لقانون و محاكم الولاية و قانون الولاية. 

- العنصرية متفشية و التمييز حقيقة و لكن رغم هذا ينجح المجتمع الامريكي في مواجهة مشاكله  الي حد كبير. احتمال نجاح رئيس اسود في الانتخابات في دول أوروبية او حتي دول مثل البرازيل ضعيف و يفوق احتمال فوز قبطي برئاسة مصر. 

- كل من  بوسطن في الستينات و لوس أنجلس في الثمانينات عانت من مشاكل عنصرية و لكن بالشفافية و مواجهة المشاكل بطرق جدية نجحت المدينتان في التحول الي نمازج حقيقية للتطور. انتخبت لوس أنجلس توم برادلي كأول عمدة  أمريكي اسود لمدينة كبيرة يشكل السود بها أقلية  و كذلك انتخبت بوسطن دوڤال باتريك  اول حاكم ولاية اسود رغم ان السود يشكلون أقلية محدودة للغاية. 

- كم أتمنى ان ارى  في مصر لامركزية امريكا و عملها في تطهير الشرطة من مشاكلها. انا متأكد تماماً ان شرطة فبرجسون ستخضع الي تغير كامل و ان الانتخابات القادمة ستطيح بعمدة فيرجسون و كل المسؤولين عن تعاملهم الكارثي مع المشكلة و لكني لا اعتقد ان مصر ستواجه مشاكل اكبر بمراحل مثل عربة الترحيلات بنفس الجدية و الشفافية التي سنراهها أمامنا في امريكا 


Tuesday, August 19, 2014

حكاية قصيرة عن منظمات حقوق الانسان

منذ صغري و كنت استمع الي قصص تعذيب في سجون جمال عبد الناصر، و بعد تخرجي و فترة عملي القصيرة في الكويت، زميلي المصري اختفي في العراق و قبض عليه و عاني من التعذيب أشهر .. أتذكر حضور زوجته الي المكتب يوم بعد يوم و أتذكر زيارتي له في منزله بعد عودته و كيف اثناء عناقي له تشبث بي و صرخ " الكهربا يا أيمن الكهربا" .. اسمع تلك الكلمات في أذني اليوم كما انها كانت أمس و ليست ١٩٨١. 

هاجرت الي الولايات المتحدة في نفس العام و أصبحت عضو في منظمة العفو الدولية Amnesty International ، عضو عادي أتبرع بمبلغ بسيط كل عام و تصل لي مجلتهم و خطابات مختلفة عن حالات مختلفة في دول العالم المختلفة. 

و بعد عدة سنوات تقدمت لاختبار الحصول على الجنسية الامريكية و في اثناء المقابلة سألني المسئول بنوع من التحدي و المواجهة عن عضويتي بمنظمة العفو : الا تدري ان تلك المنظمة تساعد مهاجرين غير شرعيين في جنوب غرب الولايات المتحدة؟ فوجئت بالسؤال و أجبت بصرامة ان فرع المنظمة في امريكا لا يتدخل في اي موضوع داخل امريكا نفسها و ان من مبادئ المنظمة الاساسية التدويل فكانت فروع اخري من المنظمة في دول اخري تتحدث عن احكام الإعدام في الولايات المتحدة  و خلافه و لكن اهتمام المنظمة الامريكية كان بالعديد من دول امريكا اللاتينية و اسيا مثل تشيلي، كامبوديا، تركيا الخ. استمر في الحديث عن المهاجرين الغير شرعيين و زادت حدة نبرتي في الدفاع عن موقفي. و بعض بضع دقائق انتقل الي سؤال اخر ثم عاد الي منظمة العفو الدولية و قال انها منظمة جيدة و مبروك. 

الشرطة و الجهات الرسمية في كل مكان لا ترغب برقابة منظمات المجتمع المدني عليها و الفارق الأساسي بين ما رايته في الولايات المتحدة و حياتي في دول شرق اسيا و الشرق الأوسط هو قوة القانون و حمايته للحريات. لو كانت مناقشتي الحادة أعلاه دارت في مصر او الصين كان من المؤكد ان النتيجة اختلفت و لكن كانت في امريكا و رغم كراهية ذلك المسؤول لعضويتي في منظمة بعينها الا انه تحتم عليه بقوة القانون ان يقوم بمهمة وظيفته بدون تمييز. 

نري الأحداث العنصرية في مدينة فيرجسون و يتسارع الجميع باستخدامها كتبرير لما يحدث في مصر و لكن ما نراه في فيرجسون حالة نادرة و لذا تركيز الأعلام عليها. امريكا مليئة بشرطة عنصرية و لكن قوة القانون تردع تلك العنصرية، منظمات المجتمع المدني تلعب دور محوري في الوقوف مع الضعيف حتي يتمكن من الحصول علي حقه بالقانون. أتذكر كيف ساندت شاب أردني اسمه جهاد رفضت شركة الطيران في امريكا السماح له بالسفر بعد شهر او شهرين من احداث سبتمبر و كيف حصل بعد ذلك علي اعتذار و تعويض بقوة القانون بمساعدة منظمات مجتمع  مدني أمريكية، منظمات افخر بعضويتها و نشاطي السابق بها

أيمن عاشور 

Tuesday, June 03, 2014

طيب ما في عندكم في امريكا رقابة


كل ما يحدث نوع من قمع للحريات او سلب لسلطة الشعب بطريقة او اخرى نجد من يدافع عن ذلك ان مثل ما حدث يحدث في امريكا. أتذكر أنور السادات عندما قارن سماح الدستور البريطاني (رغم عدم وجوده أصلا) للملكة بحل البرلمان كنوع من الدفاع عن احدي تعديلاته الدستورية و كيف كان الاخوان ينتقون من قواعد الانتخابات من الشرق و الغرب لمساعدتهم علي تزييف إرادة الشعب عن طريق الانتخابات. و طبعا شاهدنا مهزلة الدفاع عن قانون التظاهر و الادعاء بمشابهته لقوانين المظاهرات في اعرق الديمقراطيات. 

والآن نتحدث عن الرقابة في مصر كأمر مماثل لرقابة امريكا علي ما يحدث خارج حدودها خوف من ارهاب مماثل لأحداث سبتمبر ٢٠٠١ او مأساة المارثون في بوسطن العام الماضي. 

 لا توجد ديمقراطية معصومة من الخطأ تماماً و الخوف من الإرهاب بعد سبتمبر ٢٠٠١ أوقع الولايات المتحدة في كثير من الأخطاء و خطر الفاشية كان واضح للكثير و بعد أسابيع  من صدمة سبتمبر ٢٠٠١ بدء العديد منا في مجابهة التيارات الفاشية و اخطاء الحكومة و تعرضت الحكومة و مؤيدي الفاشية لسخرية لاذعة في برامج التلفزيون و النقد في الصحافة الخ. و رغم تأييد الأغلبية في الولايات المتحدة لغزو العراق ٢٠٠٣ الا ان المعارضة كانت حادة و استمرت في الزيادة بعد نتائج الحرب الكارثية و أدت في ٢٠٠٨ الي خسارة الحزب الحاكم للرئاسة و كلا من مجلسي العموم و الشيوخ. 

ورغم الأخطاء العديدة التي وقعت في الولايات المتحدة الا ان تلك الأخطاء كانت من نوع " الاستثناء يؤكد القاعدة" .. نعم حدث قمع لمواطنين أمريكيين و انتهاك فظيع لحريات أبرياء داخل الولايات المتحدة نفسها. و سيجد من أهل مصر المغرمين بالبحث عن أمثلة لقمع الحريات العشرات من القصص التي حدثت. العديد من تلك القصص المأساوية انتهت بتعويضات و اعتذارات و كما ذكرت تغير في الحكومة و صحوة في نشاط المجتمع المدني و الجمعيات الحقوقية. 

الفضيحة التي حدثت في مراقبة اجهزة الاستخبارات الامريكية للإنترنت و التليفونات كانت في الاساس خارج الولايات المتحدة و ووجود طرف  داخل الولايات المتحدة اعُتبر انتهاك. و لكن ما هدف المراقبة ؟  هل هو حماية نظام أوباما ؟ و التعرض للمعارضة بشتى أنواعها؟ هل هدف الرقابة في امريكا التستر علي الأخطاء و منع السخرية؟

هل من الممكن استخدام قوانين مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة لقمع معارضي أوباما مثلا؟ الإجابة بسيطة و سريعة جدا: لا لا يمكن و اذا حدث فيكون الثمن باهظ للغاية.

لماذا استقال ريتشارد نيكسون ؟ استقال لانه حاول الرقابة على نشاط معارضيه و قام بتسجيل مكالماتهم التليفونية. 

لماذا حاول البرلمان الامريكي إقالة بيل كلينتون في التسعينات بعد فضيحة مونيكا لويينسكي؟ لمحاولته التستر علي مغامرته الجنسية و شبهة استغلاله لنفوذه في التستر. 

رقابة الانترنت الالكترونية كجزء من حماية الوطن من ما يسمي حرب الفضاء او حرب السيبر موضوع هام و ضروري و لكنه لا يعني رقابة محتوي الانترنت لقمع المعارضة، نحن هنا بصدد أسلحة حقيقية و حرب مدمرة. سأكتب لاحقا علي موضوع ال cyber war و لكن يجب ان نتفهم اخطار استخدام الانترنت لتفجير محطة كهرباء من استخدامه للدعوة الي مظاهرة لإسقاط قانون او معارضة رئيس او وزير. 

أيمن عاشور
٣ يونيه ٢٠١٤،

Monday, April 22, 2013

ماراثون بوسطن


بوسطن مدينتي و بيتي، قضيت فيها أطول فترة من عمري ورغم انتقالي للحياة  في أوروبا في ٢٠٠٩ لازالت بوسطن كما نقول بالانجليزية : "My home town" . كنت في رحلة عمل في استراليا في ذلك اليوم الحزين ، يوم الاعتداء الجبان على الماراثون في بوسطن. الإحساس كان كأن  اقرب الناس اللي قد تعرض الي فاجعة أو كارثة. و ربما وجودي في مكان بعيد عن أسرتي وعن بوسطن وفارق التوقيت وقلة النوم كانوا عوامل زادت من مشاعري بالصدمة والحزن العميق. مصدري الأساسي للأخبار هو تويتر وعندما نتابع أنباء وتطورات من هذا النوع بسرعة شبكات التواصل الاجتماعي الإحساس بالتوتر والقلق يتضاعف.

الغالبية العظمى من التغريدات كانت من شبكات الأنباء العالمية و صحف ومصادر إعلامية من بوسطن نفسها والعديد من المتعاطفين مع ضحايا المذبحة يعبرون عن مشاعرهم تجاه الصدمة وغضبهم وخوفهم. نسبة محدودة من التغريدات كانت تحتج علي اهتمام العالم ببوسطن على حساب أحداث أكثر بشاعة. لفت نظري بالأخص تغريدة من شاب مصري فيها نوع من التهكم عن النفس وكانت بمعنى أن المصريون لا يجرون إلا للهروب من كلب أو للحاق باوتوبيس أو حافلة نقل. وكانت تغريدة الشاذلي هي اول تغريدة قابلتها تحتوي على نوع من المزح ورغم أنها كانت تهكم على النفس 
.إلا أنها زادت من حزني واغضبتني

للأسف الشديد نسبة عالية من الشباب المصريين يدمنون التدخين وأقلية محدودة تمارس أي نوع من الرياضة وهذا التعميم انطبق علي أنا أيضا حتى أوائل الثلاثينات من عمري. بعد توقفي عن التدخين بفترة قصيرة بدأت رياضة الجري وبعدها بفترة انتقلت مع أسرتي إلى بوسطن. وبعد عدة سنوات من الجري مرة أو مرتين كل أسبوع حدث شئ هام في حياتي لاذلت اتزكرة بوضوح. كان يوم عيد الوطنية أو بالأحرى عيد المواطنة وهو يوم ذكرى حادث هام في بدء الثورة الأمريكية وهو إجازة رسمية في ولاية ماستشيوستس وعاصمتها بوسطن ولكنه يوم عمل عادي لدي الأغلبية العظمي من الأمريكيين. و تحتفل بوسطن بهذا العيد يوم الاثنين في شهر أبريل من كل عام في وقت متقارب مع أعياد الفصح، وينطلق سباق الماراثون في منتصف اليوم كل عام في عيد المواطنة. وفي عام ١٩٩٧ كانت هناك احتفالات عديدة بالذكرى المئوية الأولى لسباق البوسطن ماراثون و سمح لعدد قياسي من العدايين بالمشاركة. وكانت هذا اليوم اول مرة اذهب لمشاهدة سباق الماراثون حيث يمر طريق الماراثون بالقرب من بيتي. مسافة الماراثون ٢٦.٢ ميل أو ٤٢ كيلومتر ومنزلي يقع قريب من الكيلومتر ال ٢٩. وجدت الطريق مغلق تماماً للسيارات و أعداد غفيرة من الناس في انتظار السباق، وجدت كل جيراني تقريبا، أطفال و كبار والعديد من خارج المنطقة حضروا للفرجة. كارنيفال أو مهراجان في الشارع في انتظار وصول المشاركين في السباق.

وفجأة زادت الحركة ومرت عدة سيارات شرطة و بعدئذ سمعت تصفيق حاد ومرة سيارة مفتوحة بها شيخ في الثمانينات وهو جون كيلي الذي شارك في البوسطن ماراثون ٦١ مرة ويعتبر رمز لهذا السباق. بعد دقائق وصلت اول مرحلة من السباق وهم ذو الاحتيجات الخاصة على مقاعدهم، الرجال ثم النساء بعدهم. يصعب وصف الإصرار على وجوة هؤلاء المتسابقون. و بعد تقريبا نصف ساعة الحدث الرئيسي وصول اسرع عدائي الرجال و بعدهم بحوالي ربع ساعة النساء. ولا ينقطع مرور العدايين رجال و نساء. الكارنيفال في الشارع لا يهدأ ، تشجيع لأشخاص بعينهم أو للجميع، تقديم ماء أو مشروبات طاقة ، المدينة كلها في الشارع تحتفل بالماراثون بعد شتاء بوسطن الطويل. تركت الصخب وعدت الي بيتي لتناول طعام الغذاء وبعض مكالمات العمل حيث أنة كان يوم عمل طبيعي في أمريكا خارج الولاية. وبعد ساعتين تقريبا عدت الي طريق الماراثون ، انخفض عدد المتفرجون نوعا ما ولكن جو الكارنيفال لازال موجود و استمرت أعداد المشتركون في السباق، اقل سرعة و أحيانا أكبر عمرا أو وزنا من الأوائل، كنت أشاهد ناس مجهدة، بعضهم كان يجري في الم واضح وبعضهم كان يعاني من أنواع الشد العضلي وآخرون كانوا يعانوا من احتكاك الجلد وفي بعض الأحيان رأيت دم على ملابسهم وملح ناشف على وجوههم. بعضهم كتب أسمائهم على ملابسهم فكان التفرجون يصيحون تأييدا لهم بالاسم وآخرون كتبوا على ملابسهم أسباب مشاركتهم في السباق من أحياء ذكرى قريب أو حبيب إلى جمع تبرعات لعمل خيري الي العديد من الأسباب المختلفة.


وقفت أكثر من ساعة اشجع و بالتدريج قل عدد المتفرجون والمشاركون وقاربت الساعة الخامسة وقل العدد اكثر وفتحت الشرطة نصف الطريق. كنت أتخيل أن عدد من المشركين لن يتمكنوا من الوصول الي النهاية والآخرين قد يصلوا بعد حلول الظلام ولكني كنت أشجعهم و ابتسم لهم واصفق أحيانا، ما اشجع هؤلاء الناس وما أقوى عزيمتهم وإصرارهم٠ كنت على مدى السنوات السابقة أمارس رياضة الجري ولكن لمسافات قصيرة لا تتجاوز عدة كيلومترات ولكن يومها عقدت العزم .على جري الماراثون و تصورت أنة من الممكن أن أشارك في البوسطن ماراثون بعد سنتين

ثابرت في التدريب وكنت استيقظ قبل الفجر لأتمكن من الجري قبل العمل وكنت اجري ٥ أو ٦ مرات في الأسبوع و كانت ظروف عملي تستدعي سفري المتواصل فكنت اجري في أماكن عديدة وبلاد كثيرة من هونج كونج والصين الي الهند و سينغافورة ومن اليابان واستراليا الي بريطانيا وهولندا. وطبعا كنت اجري في طريق الماراثون لقربة من بيتي وحتي يزيد مراني على نفس مسار الماراثون. مناخ بوسطن في الشتاء شديد البرودة ولكن لم يمنعني برد قارص أو ثلج أو مطر أو حتى حر الهند من المثابرة على التمرين، كنت أتذكر نظرات الألم والمثابرة التى رايتها في البوسطن الماراثون السابق وارى نفسي في الماراثون. شاركت في سباق النصف ماراثون في فبراير في مدينة قريبة من بوسطن وسباق آخر بطول ٢٠ ميل في جو شديد البرودة على ساحل المحيط الاطلنطي وقبل السباق بثلاثة أسابيع بدأت تدريجيا إقلال التدريب كما كانت تنصح كتب رياضة الجري وكتيبات التدريب التي وصلتني بعد تسجيلي البوسطن ماراثون عام ١٩٩٨.

وأخيرا يوم الماراثون، استيقظت مبكرآ وذهبت مع زوجتي إلى مدينة هوبكينتون ١٨ ميلا غرب منزلي وهي نقطة بداية الماراثون. مدينة أو بالأصح ضاحية صغيرة بدت مكتظة بآلاف المشتركين في السباق. كان الجو بارد بعض الشئ ولايجود مكان للجلوس إلا في منتصف الشارع و حوالي الساعة التاسعة تم إغلاق معظم الشوارع للسيارات، ومضى الوقت بطيأ ومع اقتراب الساعة ١١ ظهرت مشكلة عدم كفاية دورات المياة المتنقلة وكانت الطوابير طويلة للغاية٠ سلمت حقيبة صغيرة عليها رقمي وبها احتيجاتي الي المسؤولين لاستلامها بعد خط النهاية وذهبت للانتظار في مكانى في الخلف. كنت أتوقع إكمال الماراثون في حوالي اربع ساعات ونصف على الأقل٠ سمعنا صوت إقلاع المعاقون أو ذوي الاحتياجات الخاصة كما نطلق عليهم في أمريكا احتراما لقدراتهم الفذة ونجاهم في تحقيق الكثير من الإنجازات ولو بطرق مختلفة نسبيا. وفي تمام الثانية عشر سمعنا طلقة مسدس بداية الماراثون و صفق الكثير وسمعنا صرخات السعادة ولكن لم نتحرك بعد. وأخيرا بدأت الحركة ببطآ شديد و أخيرا وبعد خمس عشر دقائق عبرت خط البداية و بعد خمس دقائق أخرى تمكنت من بدء الجري لكن بحرص نتيجة الزحام الشديد وبعد دقائق محدودة فتح الطريق، اخيرآ.


لايمكن أن اوصف شعوري بسهولة في تلك اللحظات أو بالأحرى اول ساعة، كان هناك نوع من النشوة ولكن بالأكثر كنت اشعر بالخوف، كنت أخشى أن لا انجح في إكمال الماراثون أو أن أعاني مشاكل من عضلات أو تنفس أو أي مشاكل أخرى. كان يجب إلا اسرع في البداية حتى لا افقد قدرتي على المثابرة الي الآخر. النصف الأول من الطريق في انحدار مستمر مما يشجع على زيادة السرعة ولكنة أيضاً يزيد الحمل على الرجلين ويؤثر سلبيا على العضلات. الجماهير تحوط بالطريق تشجعنا و تصفق لنا ونصل الي كلية وليزلي  وهي تعد من اشهر الكليات النسائية في أمريكا و ههنا يبدأ مايعرف بحارة الصريخ حيث يضيق الطريق لزيادة عدد المشجعات و نعامل كأبطال وللأسف تزيد السرعة رغم استمرار الطريق في الانحدار. و اقترب من منطقتي بعد اكثر من ثلاثة ساعات ، منطقة التلال في مدينة نيوتن، منطقة الصعود، هذة منطقتي التى اعرفها جيدآ٠ وها أنا اقترب من بيتي واسمع ابنتي ثم ابني يصيحان باسمي وجيراني وأولادهم. أحيي الجميع واستمر واعاني من مغص في معدتي والإحساس بالبرد ولكن استمر. وتنتهي مرحلة الصعود ونصل الي كلية بوسطن وأصوات الموسيقي الصاخبة. آخر ثلاثة أميال صعبة، طريق عريض والرياح قوية قادمة من المحيط في مواجهتنا باردة ، وأحس بالضعف والبرد ولكني مطمئن أني ساكون قادر على إتمام الماراثون. وبعد ثلاثة أميال مملة ينعطف طريق الماراثون الي اليمين ثم الي اليسار علي شارع بويلستون ويقرب خط النهاية بالقرب من مكتبة بوسطن. واعبر خط النهاية..... لقد أكملت الماراثون ويتقدم اللي شاب ليضع ميدالية إكمال الماراثون حول عنقي وفتاة تطلب مني أن تحصل الميكروتشيب المربوط بحذاءي والذي يثبت إكمالي لجميع المراحل. قامت هي بفك الحذاء وأخذ الميكروتشيب. ارتعش واجد صعوبة في المشي واحصل علي حقيبتي مقابل الإيصال.


شاهدت أسرتي الحبيبة قبل عبور خط النهاية على يسار شارع بويلستون ولكن لا أتذكر حضورهم معي لاستلام اغراضي، اعتقد أني دخلت خيمة كبيرة للمشاركون في السباق فقط وحاولت أن أتجنب البرد بعض الشئ واشرب سوائل لتعويض بدني عما فقدته. لقد كسبت السباق وحصلت على الميدالية، لقد أكملت الماراثون بعد عام واحد من وقفتي كمتفرج. وكنت انظر حولي واري الكثيرين وفي عيونهم دموع من الفرح ومن الأم العضلات واحيانا من المجهود والتعب. كلنا كنا من الفائزين رغم أن اول من عبر خط النهاية سبقنا بأكثر من ساعتين ونصف ساعة. قربة العشرون ألف متسابق أكملوا الماراثون وكل شخص منا له قصة خاصة بة دفعته للمشاركة و للتدريب، حكايات وحكاوي من كل رجل وامرأة من أصغر شابة في العشرين من عمرها الي من فوق السبعين. وكما كانت أسرتي الصغيرة تعيش حلمي في إكمال الماراثون وتتباع خطوات تدريبي وتؤيد نئ وتقلق علي، كان لهؤلاء الآلاف احباءهم وأقربهم يؤيدهم ويتابعون حكايتهم.

اهتمام بوسطن بالماراثون يعود الي أنة اقدم ماراثون في العالم ولانة يوم إجازة خاص بنا دون عن أمريكا ككل وعن أنة يوافق نهاية الشتاء القارص و اول يوم في إجازات الربيع للمدارس ولكن اهم شئ هو القصص والحكايات التي تدعوا الآلاف إلى المشاركة في السباق والجو العائلي الجميل على طول ممر الماراثون من هوبكينتون إلى خط النهاية بجوار مكتبة بوسطن المركزية. يوم الماراثون في بوسطن يوم احتفال بقدرة الإنسان العادي على تغيير نفسة على تحقيق إمالة علي الانتصار على ضعفة على ادمانة...يوم تحقيق آمال عديدة، آمال إيجابية خالصة ، لا تشمل كراهية أو سلبية ... يوم احتفال اجتماعي كبير واحتفالية بالإنسانية و بقدرتنا كبشر على المثابرة وإخضاع أجسادنا لتحقيق أهداف شريفة ونقية.

كتب الكثيرون عن الاعتداء القاصي الجبان على الماراثون و شجب الجميع قتل الأبرياء ولكن لم يتفهم الكثير من الناس الشعور بالصدمة و مدى الحزن والغضب الذي حل ببوسطن بالأخص وأمريكا والغرب بشكل عام. حاولت في هذا المقال أن اقدم ما يعني البوسطن ماراثون لي كمصري أمريكي ، كمواطن من أهل بوسطن. ولقد أكملت الماراثون في بوسطن بعد هذه التجربة الأولى مرتين وكان لكل مرة حكاية وقصص وأسباب. و الآلاف الذين شاركوا في السباق وأهلهم واحبابهم كلهم لهم قصصهم و الأكثر من مليون مشاهد من اول الماراثون في هوبكينتون إلى خط النهاية حضرو للاحتفال والبهجة وللاحتفالية بقدرة الله عز وجل على خلق الإنسان وتكوينه و هبتة القدرة علي تسخير جسدة وعقلة لإنجاز الصعب. القنابل والإرهاب والدم هي في الحقيقة ليست تحدي لبوسطن أو لأمريكا و لكن تحدي للإنسانية بما يشمل ذلك من تحدى إلى الخالق الجبار

ايمن عاشور